Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

(نهاية الزعامة الأمريكية)!!

شذرات

A A
صدر مؤخراً عن مؤسسة الفكر العربي الكتاب السنوي (أوضاع العالم ٢٠٢٠م) المعنون بـ(نهاية الزعامة الأمريكية). يضم الكتابُ بين دفتيه دراساتٍ تحليليةً حول الهيمنةِ الأمريكيةِ وتداعياتِ أزمتها الحاليةِ في ظلِّ المعطيات الدوليةِ المتغيرةِ التي تُعادُ صياغتُها وترتيبُ الأدوارِ فيها! .

الكتابُ أشرفَ عليه (برتران بادي) أستاذُ العلاقات الدولية في المعهدِ العالي للعلوم السياسية في باريس، والصحفيُّ الفرنسيُّ (دومينيك فيتال).

يتناول (برتران) إرهاصاتِ الهيمنةِ الأمريكيةِ بأُحادِيِّتها المعروفةِ منذ عام ١٩٤٥م، ثم تحوُّلها إلى ثنائيةٍ تنافسيةٍ مع الاتحاد السوفيتي منذ عام ١٩٤٩م وتوازُن الرعب الذي قام بينهما والمستند على التعايش السلمي والذي كان سينتهي بعودةِ الأحاديةِ الأمريكيةِ منذ سقوط جدار برلين لولا المتغيراتُ التي فرضتْها العولمة.. لتكتشفَ أمريكا مؤخراً عجزَها عن التحكُّمِ بالعالم ولتصلَ مع أوباما إلى مفهومِ الهيمنةِ الحديثةِ القائمةِ على تحقيقِ مصالحِها دون حاجةٍ للتقدُّمِ إلى الصفوفِ الأماميةِ، معتمدةً على الحلفاء، ثم الاتفاقاتِ التجاريةِ.. ولكنها هيمنةٌ اصطدمتْ بمفاهيمَ مختلفةٍ وضعها ترمب منذ مجيئه إلى البيت الأبيض، فأضحتْ الهيمنةُ التجاريةُ الأمريكيةُ معرَّضةً للتهديدِ مع ظهورِ أمواجِ التدفُّقِ الصيني المتلاطمة!، وحتى الغلبةُ التكنولوجيةُ الأمريكيةُ تجدُ نفسَها الآن في مواجهةِ التحدِّي الصيني الذي بات يهددُ النموذجَ الأمريكيَّ!!.

وهنا نتوقفُ ملياً مع المقالِ الذي كتبه أستاذُ العلاقاتِ الدوليةِ (برونو غيغ) تحت عنوان:»سقوط النسر بات وشيكاً»!!.

حيث يستلهمُ الكاتبُ مقالَه من لقاءٍ جمع بين ترمب والرئيس الأسبق جيمي كارتر صاحبِ مبادرةِ التطبيعِ الأمريكيِّ مع الصينِ عام ١٩٧٩م، حيث يقولُ كارتر مخاطباً ترمب: « أنت تخشى أن تسبقَنا الصينُ وأنا أتفقُ معك.. ولكن هل تعرفُ لماذا الصينُ في طريقها لتجاوزنا؟!.. فمنذ عام ١٩٧٩م، هل تعرفُ كم مرةً خاضتْ الصينُ حروباً ضد أحدٍ؟.. ولا مرة!!.. أما نحنُ فبقينا في حالةِ حربٍ دائمةٍ.. أمريكا هي البلدُ الأكثرُ ولَعاً بالحروبِ في العالمِ، لأنها ترغبُ في فرضِ قيَمَها على البلدانِ الأخرى، بينما الصينُ تستثمرُ مواردَها في مشاريعَ مختلفةٍ بدلَ تخصيصِها للنفقاتِ العسكريةِ، فلم تبددْ سنتاً واحداً على الحروب، لذا فهي تتفوقُ علينا في جميعِ المجالات.. لو فعلنا مثلها لكان نظامُنا التعليميُّ جيداً مثل كوريا الجنوبية.... «!!.

وهنا يتابعُ (غيغ) :» إن مروِّجي الحروبِ منذ عقودٍ عدةٍ قد أغرقوا المجتمعَ الأمريكيَّ في حالةِ ركودٍ داخليٍّ يختبئُ خلفَ الاستخدامِ المحمومِ لطباعةِ العملةِ لأن الولعَ بالحروبِ هو التعبيرُ الحقيقيُّ عن التقهقُرِ الأمريكيِّ، وهو أيضاً السببُ الرئيسُ لهذا التقهقُرِ... «

* وأمام ثنائيةِ الطَّرحِ الموضوعيِّ الممتد على صفحاتِ كتابِ (نهاية الزعامة الأمريكية)، وتحليلِ الكاتبِ (برونو غيغ) في مقالِه.. ينتصبُ السؤالُ الهامُّ:

هل حقاً.. بات سقوطُ النسرِ الأمريكيِّ وشيكاً أمام أفعوانيةِ التنينِ الصيني؟.. وهل أزمةُ فايروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩) وتداعياتُه الأثقلُ على المجتمعِ الأمريكي سوف تحملُ إجابةً واضحةً عن هذا السؤال..؟

هذا ما ستكشفُ عنه الأيامُ القادمة المليئة بكل عجيب..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store