Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

العزل الاجتماعي.. شكراً ثم شكراً!!

بانوراما

A A
ضربت الكرة الأرضية الكثير من الأوبئة التي تسببت في وفاة الملايين من الناس، مثل الطاعون والكوليرا والجدري وشلل الأطفال ووباء إيبولا وغيرها، وكان أحد أهم الأساليب المستخدمة للحد من انتشار تلك الأوبئة هو العزل الاجتماعي والبعد عن بؤر الوباء. وأشهر عملية عزل اجتماعي تمت في التاريخ، حينما ضرب ما يسمى (الطاعون العظيم)، مدينة لندن في منتصف القرن السابع عشر الميلادي وأدى إلى وفاة أكثر من ربع سكان المدينة. في وقتنا الحاضر، يضرب فيروس كورونا الجديد العالم وللحد من انتشاره فرضت الكثير من الدول على رعاياها العزل الاجتماعي ومن ضمنها المملكة. شخصياً استفدت من العزل في المنزل الكثير من الأشياء منها، أولاً: يومياً الجلوس مع الوالدة أطال الله في عمرها، وتناول طعام الغداء معها، ومن فوائده أدركت المسؤوليات الكبيرة التي تقوم بها زوجتي في إدارة شؤون المنزل والتعامل مع الأبناء والشغالات واحتياجات الأسرة وصيانة الأعطال وغيرها.

ثانياً: الأبناء والجلوس معهم أطول مدة ممكنة تعرفت فيها على الكثير من الأشياء التي يحتاجون الى معرفتها وشاركتهم مشاكلهم وهمومهم وغمومهم وتطلعاتهم واستعدت لياقتي باللعب معهم بعض ألعاب الرياضة والذكاء والتسلية.

ثالثاً: الصلاة جماعة مع الأسرة وقراءة القرآن.

رابعاً: شخصياً، تمكنت من قراءة مجموعة من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية منها كتاب «الفتنة الكبرى» لمؤلفه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وسلسلة تاريخية شملت (فجر وضحى وظهر الإسلام)، للكاتب والمؤرخ المصري أحمد أمين، ومنها كتابان، باللغة الإنجليزية الأول، تم إهداؤه لي من مؤلفه أخي الكريم الدكتور عبد الله بن موسى الطائر المشرف على مكتب وزير التعليم العالي الأسبق، مشاركة مع الباحث الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط جيمس مور، بعنوان «حرق الشيطان»، للأمانة كتاب ممتع وجذاب فيه الكثير من الحقائق الموثقة حول عملية الحادي عشر من سبتمبر 2001م، التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية، ولو بدأتَ بقراءته لا يمكن لك إلا أن تكمله. والثاني، كتاب تم إهداؤه لي من مؤلفه شخصياً في أحد المؤتمرات بعنوان «دموع الحرب والسلام»، للكاتب البريطاني (بول هوينك)، يحكي فيه المؤلف عن الحالة التي كانت عليها مدينة لندن عام 1912م، حينما كانت تلوح في الأفق الحرب العالمية الأولى، وكمية الحكايات والمغامرات والأشخاص التي قاموا بها؛ هو حقاً كما قال المؤلف: «ملحمة عظيمة لن ترغب في إخمادها». إضافة لأكثر من ثلاثين مقالاً علمياً سوف تكون بإذن الله ضمن كتابي القادم عن العلم والعلماء، والأجمل هو تواصلي الدائم مع من أُحِب وأُقَدّر من زملائي أصحاب المعالي والسعادة.

لذلك أشعر أنني لم أكن قادراً على فعل كل ذلك لولا العم كورونا الذي بسببه ظل الناس في بيوتهم. وبعد هذا ألا يَحِقُّ لي أن أقول للعزل الاجتماعي: شكراً ثم شكراً؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store