Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

برامج ودراما رمضان معاناة حقيقية

A A
تعودت الأسر السعودية أن تجتمع بعد طعام الإفطار على شاشة التلفاز لتتابع برنامجًا هادفًا أو مشاهد درامية تليق بالأسرة والمجتمع وعقلية المشاهد التي أصبحت ناقدة لا تقبل التفاهات والتسطيح في الرأي والتهريج وتكلف المشاهد.

مازال عالقًا في الذاكرة برنامج الشيخ الجليل علي الطنطاوي على مائدة الإفطار حتى طبق الفاكهة الذي كان على الطاولة أمامه مازال خالدًا في ذاكرتي، كلماته وأسلوبه وطريقته في متابعة الوقت عبر ساعته التي يحتفظ بها أمامه لينظر إليها بعد كل حين أتذكرها جيدًا.. أما الدراما العربية ومن ثم السعودية مازال حاضرًا تلك المواقف البسيطة التي كانت تطرح موضوعات تلامس المجتمع في (طاش ما طاش) وفتحت أفاقًا من الحوار حول المسكوت عنه من تصرفات وسلوكيات تحتاج للمناقشة والتعديل والتطوير والتحسين في كل جوانب حياتنا.. نحن لا ننكر ماذا قدم الثنائي ناصر القصبي وعبدالله السدحان للدراما السعودية، ولكن ما يعرض اليوم عبر القناة الأكثر متابعة من الأسرة السعودية لا يليق بنا في هذه المرحلة من تاريخ المجتمع السعودي، عذرًا فريق العمل نكتفي بهذا القدر من الأفكار المكررة بل لا توجد قصة ولا حوار ولا حتى أداء يليق بأسماء كنا نعدها كبيرة.. لم يعد للمؤلف شيء جديد ليقدمه، التكرار الممل لمفردات الحوار في المسلسل والأداء الضعيف لبعض الممثلين والممثلات، بل بعض المفردات لا تليق بأن يسمعها أبناؤنا وبناتنا.. ونحن مجتمعون بالأمس وردت مفردة الانتحار أكثر من مرة في الحلقة -وبجانبي ابني- الذي رد عليّ عندما أنكرتها وقال لي للأسف هناك شباب يفكرون بالانتحار! فانزعجت كثيرًا وتساءلت لماذا هذا الطرح المقيت الذي يعزز فكرة شيطانية تخرج الإنسان من دينه وحياته وربه عنه غضبان؟ لماذا هذا الاستخفاف بعقولنا؟ ثم يأتي من يدافع ولا يريد منا أن ننتقد، هون عليك، من حقنا أن نقول كلمتنا وأن نقول للقناة التي وثقنا فيها ما هكذا تورد الإبل.

وبعدها يأتي البرنامج الذي يتعرض سنويًا للنقد والاستهجان من الداخل والخارج ومازالت القناة مصرة على أن تقدم لنا هذا الفن الذي لا يليق وتريد أن تقنعنا بأنه ليس هناك اتفاق مسبق بين الضيف والمعدين للبرنامج، رامز مستفز بمعنى الكلمة ويتلفظ بألفاظ بذيئة في كثير من الأحيان، إن لم تحترموا ذائقتنا فنرجو أن تحترموا هذا الشهر وحرمانيته وضرورة انتقاء ما يعرض فيه لترتقي أرواحنا ولنكون أكثر قربًا من ربنا جل في علاه، لا مانع من الترفيه ومتابعة البرامج لكن تكون برقي مجتمع مسلم سعودي يطمح من الإعلام أن يكون على قدر التحدي ومواكبة رؤية وطن.

في المقابل أتابع مسلسلا تاريخيًا معاصرًا يوثق لحياة الشهيد البطل في جمهورية مصر العربية الرائد أحمد منسي في مسلسل الاختيار، وكيف يعمل صانعوا الدراما في مصر على حفظ تاريخهم المشرق وكيف يتم كتابة السيناريو واختيار فريق العمل باحترافية عالية، أبدع الممثل -أمير كرارة- في تجسيد شخصية البطل الشهيد وابدع المخرج الذي يرافقه على مر السنوات الماضية في توثيق الحدث ويطرح المسلسل فكرة وطنية حقيقية، وكيف نفخر بأبطالنا وكيف نعلم الأجيال عبر الدراما من هم حماة الوطن ومن هم الرجال الذين نفخر بهم وبتضحياتهم من أجل الوطن.. نجاح باهر في الحلقات الأولى يجعل هذا المسلسل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي والذي يعد مؤشرًا حقيقيًا بأن المشاهد متعطش للقصص والبطولات الوطنية والبعد كل البعد عن التفاهات والاسفاف بالعقول.. إذا كان هناك من يضحك على نفسه بأن الجمهور يريد هذا، فالترند عبر تويتر يرد عليهم ماذا قال الجمهور عن كل من المسلسلين وأيهما لاقى احترام وتقدير المتلقي وايهما للأسف لاقى الهجوم والنقد اللاذع.

من روعة العقل البشري أنه يعرف كيف يعدل مساره بعد عمليات التحليل والنقد والتفكير الناقد ولكن الرغبة الحقيقية في التغيير تحتاج الى كثير من الجرأة والثقة بالنفس وقبول الرأي المخالف من أجل مستقبل أفضل للدراما السعودية والإعلام السعودي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store