Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

ابتسموا للأعمى البصير

A A
*يُحكى أنّ رَجُلَيْـنِ شَـدِيدي المرض كانا يَـتَشَـاركان غرفة واحدة في أحد المستشفيات، الأول منهما يُعَــانِي من مرض عُضَال جعله يرقد على ظهره ولا يستطيع الحرَاك إلا قليلا؛ أما الثاني وكان بجانب النافذة فرغم ألمه إلا أنه كان يستطيع الجلوس على سَرِيْره، ولذا يظَلُّ كذلك لبضع الساعات من نهاره؛ ليتخَلّصَ من الماء المتجمع في رئتيه بسبب قَـلْبه الضعيف.

* ولأنهما فَـقَـدَا مَن يَـزورهما، فلا تسليةَ لهما إلا تبادل الحديث طوال اليوم، فـ(الرَّجُل) الذي بجانب النافذة كان يصف لـ(زميله) ما يراه في الخارج، ومن ذلك: (حركة الناس، وذاك البَطُّ في البحيرة الجميلة، التي تمتد على جوانبها الورود الملونة، كما كان يَرْسِمُ له بالكلمات تلك الأشجار الخضراء الباسقة، وأولئك الأطفال الذين يتراكضون فرحاً بينها.

باختصار كان المجاوِرُ للنّافِذة عيونَاً لصاحبه المسْتَلْقِي على ظهره بلا حراك، إذ يُنقلُه كُلَّ يومٍ للعَالَـم الخارجي.

* مرت الأيام والشهور وهما على تلك الحالة، وذات صباح أَسْلَمَ (الرجل المجاور للنافذة) روحَه بهدوء وسَلام، فحَزن على صديقه وتألّمَ؛ إذ فقد أَنِيْسَ وحدته؛ ثمّ بعد أيام طلبَ من الممرضة نقْلَ سَـرِيْره بجانب النافذة عَـلّه يُروّحُ عن نفسه، ومَا إنْ وُضَعَتُهُ هناك حتى تَحَامل على نفسه، ورفَعَ جَسَدهُ المُـنْهَـك ليـنظـرَ للخارج.

* ولكنه تفاجأ بأنّ النافذة تُطِلُ على (جِـدَار كبير)، فأخذ يصرخ مُـنَادِياً الممرضة: ما الذي حدث؟ كيف أصبح هذا الجدار هنا؟! رَدّت عليه قائلة: هذه النافذة هكذا منذ سنوات، أجابها: (لا يمكن... لا يمكن)، كان صاحبي يصف لي الناس والبحيرة والحديقة والأشجار و... و...!!، عَقّبَت الممرضة: ياسيدي هَـدّئ مِــن روعِـك فقد كان صاحبك- رحمه الله- أعمى، وقَطْعَاً وَصَـفَ لك تلك الأشياء مِن خَيَاله!

أعزائي تلك (الحكاية) تؤكد لنا بأن محاولة زرع السعادة في قلوب الناس، ليس لها حدود، وأن لا علاقة لها بما نمتلك أو نُعاني؛ فهذه دعوة صادقة ولكم ولِي؛ لكيما نَرسم الفَـرح والتفاؤل والخير في هذا الكون؛ يكفي أنّ الابتسامة البريئة (صَدقـة)، وهدية مجانية تَمنحُ الدفْء للآخرين، أرجوكم أصدقائي ابتسموا الآن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store