Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

القطاع السياحي يتأهب للانطلاق بعد كورونا

A A
يترقب العاملون في القطاع السياحي وكل المواطنين الرفع الجزئي للإجراءات التي استلزمتها مهمة التصدي لفيروس كورونا، وتقليل ساعات الحظر المفروض على كل المدن لمحاصرة المرض، لاسيما أن هذه الفترة من كل عام تمثل الموسم الرئيس للسياحة.. وإن كان القطاع السياحي في المملكة قد تعرض لخسائر بسبب تلك الإجراءات، فهو ولله الحمد أقل تأثرًا مما شهدته كل الدول الأخرى، وذلك لأسباب عديدة، في مقدمتها الدعم المقدر الذي قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- للقطاع الخاص، والذي هدف بالأساس إلى مساعدته على تحمل الخسائر التي نتجت عن انتشار الفيروس.

وحقيقة فإن ذلك الدعم المقدر كان بمثابة شريان الحياة للعديد من المؤسسات والشركات الخاصة، لأنه أسهم في تحمل فاتورة مرتبات العاملين، إضافة إلى مساهمة الدولة بإعفاء القطاع الخاص من كثير من الرسوم الإدارية والحكومية، وكذلك تأجيل تقديم الإقرارات الضريبية، وغير ذلك من أوجه الدعم التي لم تكن مستغربة من القيادة الرشيدة التي اعتادت تقديم هذه المساندة للقطاع الخاص كلما استلزم الأمر.

وأولت الدولة خلال الفترة الماضية اهتمامًا كبيرًا بتطوير وترقية القطاع السياحي، لما يحمله من إمكانات ضخمة، وما تمتلكه المملكة من فرص سياحية واعدة وإمكانات مهولة، لذلك كان الاهتمام الكبير الذي أولته رؤية المملكة 2030 لتطوير هذا القطاع الحيوي، وإنشاء العديد من المشاريع السياحية التي سوف تسهم بدون شك في تحقيق أهداف الرؤية المتمثلة في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي ووحيد للدخل، واستنفار كافة القطاعات الاقتصادية للإسهام بنصيب مقدر في الناتج القومي الإجمالي، إضافة إلى أن تحسين قدرات ومقدرات القطاع السياحي يسهم أيضًا في جذب السياح من داخل المملكة لقضاء إجازاتهم السنوية داخل بلادهم، بدلا عن إنفاق عشرات المليارات من الريالات سنويًا في السياحة الخارجية، وجذب آلاف السياح من الدول المجاورة، وهذه الأموال الطائلة يمكن الاستفادة منها وإعادة ضخها في شرايين الاقتصاد لزيادة القدرة الشرائية والمساعدة على إيجاد عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية.

كذلك فإن سفر العائلات السعودية، لاسيما فئة الشباب إلى دول أخرى تختلف عنا في أديانها وتقاليدها له العديد من المخاطر الثقافية بسبب احتمال اكتسابهم لتلك العادات، وهو ما اصطلح على تسميته بالاستلاب الثقافي.. ناهيك عن انتشار الفوضى وانعدام الأمن في كثير من الدول التي اعتاد السعوديون قضاء إجازاتهم فيها، بسبب ما تشهده من أعمال عنف واحتراب، مثل سوريا ولبنان وتركيا.

وإذا كانت الدول الأخرى تتفوق في مجال السياحة بوجود برامج جاذبة، ومنشآت سياحية متطورة، فإن الدولة استطاعت خلال الفترة الماضية تذليل ذلك، عبر إنشاء الهيئة العامة للترفيه، التي استطاعت تنظيم برامج سياحية متميزة كان لها الفضل في اجتذاب مئات الآلاف من السياح من خارج المملكة، ومما زاد من أثر تلك البرامج أنها لم تكن مقتصرة على منطقة دون الأخرى، بل شملت العديد من المناطق والمدن.

كذلك تبذل إمارات المناطق جهودا ضخمة لإعداد مواسم سياحية عصرية على غرار ما نشاهده في نجران وعسير وجازان، إضافة إلى إعادة تأهيل الكثير من المواقع التاريخية النادرة التي لا يوجد لها مثيل في العالم كله، مثل مدن العلا والدرعية وغيرها، وهناك في الطريق مشاريع أخرى لتأهيل بقية المواقع التاريخية المتميزة مثل موقع الأخدود في نجران.. وكذلك أيضًا مدن سياحية متكاملة مثل القدية ونيوم وأمالا ومدينة البحر الأحمر وغيرها من عناصر الجذب الأخرى والتي سيكون لها- بإذن الله- تأثير عظيم في نمو صناعة السياحة.

لذا فإن المطلوب من العاملين في هذا القطاع اعتبار هذه الأيام فرصة لالتقاط الأنفاس، وتقييم الفترة الماضية، واستخلاص التجارب، والنظر في أوجه القصور لتجاوزها، ومعرفة السلبيات لتصحيحها، والوقوف عن الإيجابيات لتعزيزها وترسيخها، حتى نستطيع أن نسهم جميعًا في زيادة الدخل القومي، وتطوير هذه الصناعة، لزيادة ازدهار السوق المحلي، ورفع القدرة الشرائية، وإيجاد المزيد من فرص العمل لتقليل نسبة البطالة وسط الشباب، فالمملكة ولله الحمد تمتلك كافة المقومات اللازمة لتطور وازدهار صناعة السياحة، من مناطق طبيعية ورؤوس أموال وبنيات تحتية ومرافق إيواء كافية واستتباب للأمن وقدرة شرائية مرتفعة، ولا يتبقى بعد ذلك سوى التخطيط والتنظيم والرقابة، لنكون قد أسهمنا جميعًا في التنفيذ الفعلي لرؤية 2030.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store