Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

عدم الاكتراث!

A A
كما يحدث لنا في مصاعب الحياة وحوادثها وأزماتها، لا نراها قبل أن تتدحرج في طريقنا، وتصيبنا سهامها، وعندما يصيب الآخرين سهم من سهامها، تتملكنا الشفقة عليهم، لا تنتابنا مشاعر الخوف أو الشفقة على أنفسنا، من قدر ينتظر موعده لينفذ إلينا.

هذا الشعور يسيطر على الجميع، منذ الأزل، عدم الاكتراث، وكأن كل منا لديه صك تحصين من رب العالمين، بأن ما يصيب الآخرين لن يصيبك أنت! هكذا غمرتنا مشاعر الشفقة على الشعب الصيني في بداية ظهور هذا المرض الذي شخص في بدايته بـ»كورونا» ثم تم تحديد مصطلح لتعريفه عن بقية فصيلته «كوفيد- 19» أو «كورونا المستجد»، تعددت الأسماء لكن الخطر واحد.

كنت أتابع مشفقة، لم أستشعر الخطر، لم أستحضر مقولة «العالم قرية صغيرة»، حتى عندما ظهرت أول حالة لدينا، خصوصًا أنها قادمة من دولة موبوءة، ظننت أن حدودنا آمنة من تسرب المزيد من حالات الإصابة وأن تلك الحالة أو الحالات الأولية هي كل ما وصلنا وآخره.

مع تزايد الحالات وتتبع الأخبار بدأ الخوف يطرق باب قلبي ويضع قدمه على عتبته، خوفي على ابنتي التي فضلت الحجر مع زوجها، خوفي على ابني وبناتي الذين يذهبون إلى أعمالهم، خوفي على إخوتي وأخواتي وأسرهم، كنت على أهبة خوف مؤطر بحدود الذات، والمحيطين بها، هي ذاتها القناعة التي تجعلك تنظر إلى الآخرين بمنظار الشفقة عليهم، أو أنها المكابرة النفسية، خارجة عن الإرادة العقلية، الخوف قوة تدفعك إلى تحري وسائل السلامة والالتزام بها، هي ما عرف بالإجراءات الاحترازية، التي نشرتها وزارة الصحة وتنشرها كل يوم في المؤتمر الصحي اليومي الذي يديره وكيل وزارة الصحة والمتحدث الرسمي الدكتور محمد العبدالعالي والذي أصبح من ضمن برنامجنا اليومي ننتظر بثه اليومي على قناة الإخبارية التي نجحت في جذب الأنظار إليها وسحبت بساط المشاهدة من تحت قنوات إخبارية أخرى كانت هي المستحوذة على نسب المشاهدة.

ربما ينساق الإنسان خلف المشاعر بصورة أكبر كنوع من الدفاع أو رفض الانصياع لمعطيات الواقع، هو ذاته عدم الاكتراث، وعدم الخوف على وطنك، وعلى من حولك يفرض طوقًا نفسيًا على عقلك، حتى لو كان وقتيًا لأن عقلك الواعي لابد أن ينتفض ويتخلص من حالة عدم الاكتراث، ليدفعك لاتخاذ كافة الخطوات الواعية ورؤية الحقيقة في صورتها المجلية، كي تسلم ويسلم من حولك ويسلم وطنك من خطر تفشي المرض خصوصًا ونحن مقبلون على مناسبة عيد الفطر المبارك، وهي شديدة الخصوصية في وطننا، لأنها تعني التجمعات الأسرية وبشكل خاص على إفطار العيد، وربما كل أيام العيد تلتقي العائلات في المنزل أو في المطاعم والشاليهات، هذه هي البهجة الحقيقية للعيد التي يستشعرها الصغار والكبار في وطننا!

هذا العام يأتي العيد مختلفًا في كل تفاصيله، لكنه سيأتي ببهجته ونفحات بركته كما جاء رمضان المبارك.

قبل رمضان، كنا متوترين، خائفين، من دخول شهر رمضان ونحن محرومون من الاستعدادات التي كنا نقوم بها كل عام، ربما شعرنا في بعض الأوقات أن الوقت يمر بطيئًا، لكن فرقا بين الإحساس أو المشاعر وبين الواقع العملي، لأن اليوم لازال 24 ساعة، والساعة 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية، لكن الإحساس بالوقت يختلف عن الوقت الزمنى كما تشير إليه عقارب الساعة ، مع أني شعرت أن الأيام تركض والساعات والثواني، فاقت سرعتها رتم حياتي اليومي، لا أعرف من منكم شعر بما شعرت به؟!

عيد الفطر في طريقه إلينا، يحمل بهجته، ونفحاته المباركة هي فرحته، لذلك نتمنى أن يتخلص البعض منا من مشاعر «عدم الاكتراث»، بخطر الإصابة، ويمارس طقوس احتفاليته داخل حدود داره مع أسرته، على أمل انتهاء هذه الجائحة وشفاء الجميع ليكون العيد فرحة للجميع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store