Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصّة المتقاعد والثلاثة «ار»!!

A A
لا أعلم هويّة الذي أشار على المتقاعد السعودي بالنصيحة التي زعم أنّها نصيحة ذهبية، ولخّصها في ٣ كلمات تنتهي كلُّ منها بحرفي «ار»، وهي أن يستمرّ المتقاعد في «الادّخار»، وأن يعمل في «الاستثمار»، وأن يضارب في العقار!.

والمُشِير بالنصيحة، لا فُضّ فُوه، ولا فُوه نصيحته، يبدو أنّه يقصد المتقاعد الذي كوّن ثروة كبيرة خلال حياته الوظيفية، وتكفي للادّخار والاستثمار والمضاربة بالعقار، وعدد مثل هذا المتقاعد وسط المتقاعدين قليل للغاية، وليست لديّ إحصائية عن نسبتهم، لكنّي أجزم أنّها لا تتجاوز ٥٪ باعتقادي المتواضع، إن لم تكن أقلّ!.

وسعادة المُشِير بالنصيحة، يبدو أنّه جاهل بحال السواد الأعظم من المتقاعدين، أي نسبة الـ٩٥٪ المتبقية، وبأنّ ادّخارهم قبل تقاعدهم كان محدوداً، هذا إن كان لديهم ادّخار، وأنّ ادّخارهم بعد تقاعدهم صار صعيباً، إن لم يكن المستحيل بعينه، بعد أن قلّ دخلهم التقاعدي عن دخلهم الوظيفي في الوقت الذي لم تقلّ تكاليف المعيشة بل ارتفعت، وما أدراكم ما ارتفاعها؟ لقد بلغ عنان السماء!.

أمّا الاستثمار فهي كلمة نرجسية لغالبية المتقاعدين، آسف على قول هذا لكنّه الواقع، والمتقاعد يحتاج لرأس مال للاستثمار، وليس عنده إيّاه، وتكاليف الاستثمار الأخرى غير رأس المال مثل رسوم العمالة وأجورها وإيجار المحلّات والتكلفة التشغيلية مرتفعة جداً، ولا يقدر المتقاعد عليها هي الأخرى، وقد يُصاب بالإفلاس من الشهور الأولى من بدء الاستثمار إذا غامر به، مهما كان من الشُطّار!.

وآتي للمضاربة في العقار، فإن كان كثيرٌ من المتقاعدين لا يملكون عقاراً، ومن يمتلك العقار منهم قد امتلكه بالقروض البنكية التي أنقضت ظهره، ليُؤوي ذرّيته وأهله، وتستمرّ معه أقساط القروض حتّى لحظة مفارقته للدنيا، فأنّى وكيف يضارب في العقار؟ يشتري اليوم عقاراً بمئات الآلاف من الريالات اليوم ويبيعه غداً بربح وفير؟ وهو ليس عنده ما يُسدّد به ديونه دفعةً واحدة؟ قولوا كلام ثاني معقول ومنطقي يا جماعة!.

والحلّ هو زيادة راتب المتقاعد، وتوفير التسهيلات الاقتصادية له، وتخفيض الإجراءات المالية عليه، كي يقوم بواجبه نحو نفسه ومن يعولهم أولاً، ونحو اقتصاد بلده الذي حتماً سينتعش بجهود المتقاعد الشغوف لتسخير خبراته المُكتسبة من حياته الوظيفية في إنجاز مشروعاته الخاصة التي طالما راودته في الأحلام!.

غير هذا، «بلاش» نصائح، لا ذهبية ولا حتّى ماسيّة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store