Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

كيف تعرف أصحاب الشهادات الوهمية؟!

A A
* الشهادات الوهمية واحدة من أبرز القضايا التي تناولتها خلال سنوات طويلة من عملي ككاتب.. وأزعم أني بعد هذه الفترة غير القصيرة مع (الأعدقاء) الوهميين ونوادرهم التي تبزّ نوادر البخلاء لعمنا الجاحظ، أصبحت خبيراً في التعامل معهم، وقادراً على فرزهم وكشفهم والتعرف عليهم دون عناء.. وهذا ليس من باب التخرّص أو علم الغيب، بل لأن هناك الكثير من الشواهد الواضحة؛ والدلائل الفاضحة التي تكشف زيفهم، وتخرجهم من تحت عمائم الدكتوراة والماجستير الوهمية التي يختبئون خلفها.

* أبرز ما يميز هذه الشريحة غير استماتتهم في إخفاء أسماء الجامعات التي تخرجوا منها، هو حب الظهور المرضي، والاصرار العجيب على أن يناديهم الآخرون بلقب (دكتور) حتى في بيوتهم واستراحاتهم، فقد روي عن أحدهم أنه كان لا يلعب (البلوت) الا ان قالوا له (العب يادكتور)! بل وصل الحال بآخر أن يحلف يمين الطلاق على زوجته أن تناديه (دكتور) وإلا ألحقها بأهلها!.. لاحظ ان أساتذة كبار يحملون شهادات حقيقية يتركون حرف الدال فوق مكاتبهم في الجامعة.. (أحدثك هنا عن الثقة).

* ثاني الدلائل الكاشفة لهؤلاء المخادعين هو الركاكة؛ وافتقادهم لعمق الطرح، ووضوح الهشاشة الفكرية والثقافية عليهم، ويكفي أن تناقش أحدهم لدقائق ليكشف لك عن عوار فكري لا تخطئه الأعين، وجهل مركب لا يتناسب مع مسمى الدرجة التي يحشر نفسه مع أهلها!. (أحدهم كان يكرر على مسامعي مصطلح دوغمائية في غير محله؛ ولما سألته عن معنى دوغمائية قال انها الأصولية المتشددة!) ناهيك عن فقر معظمهم لفنون اللباقة والأدب، فالعلم الحقيقي والطويل يترك أثرًا بالضرورة على سلوك صاحبه وتعاملاته، وتوازنه النفسي والأخلاقي، أما شهادات (سلق البيض) الوهمية فلا تترك غير الارتباك والتورم الزائف.

* الصديق العزيز والكاتب المثمر فهد الأحمدي له مقال بديع عنوانه «كيف تعرف الإنسان الأصيل من المزيف؟» ورغم أن الزميل تحدث عن المزيفين أخلاقياً، إلا انني وجدت الكثير من التشابه مع المزيفين فكرياً وتعليمياً.. فالمزيف أياً كان زيفه متناقض ومتلون لدرجة تتيح كشفه بعد وقت معين.. ولكشفهم يقترح الزميل هذه الأسئلة: 1-هل يتعامل بشراسة وفوقية مع الضعفاء والعاملين تحت سلطته؟.. 2- هل يصبح مبتسمًا وبشوشًا في حضرة الكبار فقط؟.. 3- هل يُـقـيم الاقتراحات بحسب منزلة قائلها، أم بحسب قيمتها الذاتية؟.. 4- هل يهتم لمناصب الناس وأسماء عائلاتهم ويحرص على التقرب منهم فقط؟.. 5- هل يجعل نفسه محورًا لكل شيء ويحاول الاستحواذ على كل شيء؟.. 6- هل يحاول الاستعراض والظهور في كل مناسبة علنية أو إعلامية؟.

* الكشف عن أصحاب الشهادات المزيفة لم يعد أمراً صعباً اليوم، وعندما نكتب عن دلائل المزيفين وشواهد زيفهم فهذا ليس من أجل كشفهم فقط، بل للتوعية أيضًا بخطرهم المحتمل على الوطن، وعلى تقدمه ونموه، فالمزيفون لصوص مناصب استغلاليون، وانتشار شهاداتهم المزيفة في أي مجتمع لا يختلف كثيراً عن انتشار العملة المزيفة، فكلاهما -كما قلت من قبل- يعمل تضخماً مزيفاً يهدم المجتمعات من الداخل ويعرقل تنميتها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store