Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

طرد العفاريت على الطريقة الكورية!!

A A
الكوريون مثلهم مثل الشعوب الأخرى يؤمنون بوجود العفاريت، ويعتقدون بإمكانية دخولها في جسم الإنسان، إمّا ببقائها فيه للأبد أو طردها منه، وكذلك إمكانية خطفها للإنسان، خصوصاً الأطفال، فيُصبحون في الغداة بين والديهم ويُمسون في العشيّة في عالم العفاريت الخفي!.

ما عندهم مُزاح هؤلاء الكوريين، سواءٌ كانوا جنوبيين أو شماليين، وهناك العديد من الأفلام السينمائية الكورية التي تعجّ بقصص تُعبّر عن ثقافة مكتملة الجوانب عن العفاريت بماركاتهم المختلفة!.

وما يعجبني في الكوريين هو ربْط خطف العفاريت للأطفال بتعنيفهم لفظياً أو جسدياً أو بالاثنين معاً من قبل والديهم، وكأنّهم يعطون درساً للوالدين بألّا يُعنّفوا أطفالهم كي لا تخطفهم العفاريت، فيندموا حيث لا ينفع ندم، وهذا درس يستحقّ الكوريون معها الفوز بجائزة نوبل للتربية الإنسانية، حيث يشجّعون الوالديْن على عدم تعنيف أطفالهم، وبالمناسبة فإنّ كوريا لا تشهد حوادث تعنيف كثيرة للأطفال ربّما لهذا السبب، وهكذا صار التخويف بالعفاريت وسيلة مرعبة لكن لها غاية نبيلة!.

ويستخدم الكوريون التقنية في معرفة أماكن وجود العفاريت، عبر أجهزة أشعة وموجات كهرومغناطيسية خاصّة من اختراعهم، وتصدر ذبذبات عالية عند وجود عفاريت جميلة بجانبها أو مرورها وتطفّلها بجوارها، ويمتهن بعض الكوريين الشُجعان مهنة «طارد عفاريت»، ويتطوّعون مجّاناً لطرد العفاريت من البيوت ومن أجسام الناس، ولله في خلقه شؤون.

لكن كيف يتمّ طرد العفاريت على الطريقة الكورية؟ هذا هو السؤال، أو This is the question ، إذ لا يقوم طارد العفاريت بالطرد مباشرة، بل يجعل صاحب البيت المسكون بالعفاريت هو الذي يقوم بذلك، تحت إشرافه بالطبع، فيعلّمه طلاسم معيّنة، ويشجّعه على مواجهة العفاريت بنفسه، والدخول معهم في مصارعة ذهنية وجسدية فيها ما لذّ وطاب من رياضات الجودو والكاراتيه والكونغ فو واليوغا، ولو كُنْتُ أنا عفريتاً لهربْتُ من بيت الكوري الذي أسكنه خوفاً من إجادة الكوريين وعلوّ كعبهم في هذه الرياضات المفيدة، وليس صعباً عليهم هزيمة العفاريت داخل بيوتهم، وهم بذلك قد أعطوا درساً آخر بأنّ الإنسان الذي يُعاني من العفاريت قادر على طردهم، طبعاً بالله كما يؤمن المسلمون، فما حكّ جلدك مثل ظفرك، ولهذا فإنّ طارد العفاريت الكوري أفضل من مشعوذي العالم العربي الذين استغلّوا شعوذتهم، وزادوها خرافات وشركيات، ونهبوا بها أموال الناس!.

أجارني اللهُ وإيّاكم من العفاريت، وكشف اللهُ عنّا غُمّة كورونا المتفشّية، الأشدّ فتكاً من العفاريت، وقاتل من طوّر فيروسها، أو ولّده في مختبر، وغزا به العالم كأنّه يأجوج ومأجوج آخر الزمان!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store