Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

مظاهرات ضد العنصرية أم تراكمات «وول ستريت»؟!

A A
أتأمل مظاهرات أمريكا المناهضة للعنصرية التي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد بطريقة بشعة من قبل رجل شرطة عنصري، وجعلتني أتذكر مظاهرات «وول ستريت» في نيويورك 2011م فترة حكم باراك أوباما، كنتُ حينها متواجدة بنيويورك خلال اندلاع تلك المظاهرات الشهيرة التي امتدت لبعض الدول الأوربية، خاصة أنها تأثرت آنذاك بثورات الوهم العربي، وخرج فيها الأمريكيون بمظاهرات كبيرة سلمية دون فوضى؛ مهاجمين النظام المالي الذي يسحقهم لصالح الأثرياء وأصحاب الثروات في أمريكا، مطالبين بتكافؤ الفرص الاقتصادية والاجتماعية.

أتذكر مشاهدها الحاشدة في الشوارع لقربها من منطقة سكني حينها، وعلى الرغم أنها كانت سلمية، لكن الشرطة الأمريكية اعتقلت العديد من المتظاهرين بحجة إعاقة الحركة المرورية وأفرجت عنهم بعد ذلك، لكن حينما تطالع بعض الصحف والقنوات الإخبارية الأمريكية ترى تغطيات عن تلك المظاهرات لا تُقارن أمام ما يُعطى للثورات العربية! بل حتى تصريحات باراك أوباما وهيلاري كلنتون آنذاك تنصب باهتمام أكبر على دعم المظاهرات العربية كونها تحقق مشروعهم «الشرق الأوسط الجديد» عبر تجنيد جماعة الإخوان المسلمين، فهي أهم لديهم من المتظاهرين في المدن الأمريكية، مما أثار استغرابي كصحافية! إذ يكيل الإعلام الغربي بمكيالين! ومنذ ذلك أدركت أنه لا يوجد إعلام حُر أو موضوعي! إذ كيف سيكون مع المتظاهرين الأمريكيين المهاجمين لـ»وول ستريت» آنذاك وأصحاب المؤسسات الإعلامية ذاتها هم الأثرياء ممن يهاجمهم المتظاهرون! حتى انطفأت شيئًا فشيئًا وانتهت!

اليوم في عهد ترامب والحزب الجمهوري نرى مظاهرات أمريكية غاضبة تحولت من السلمية التي تعودها المجتمع الأمريكي إلى فوضى وخراب وقتل ونهب وكان للإعلام دوره في النفخ فيها، ربما بسبب عدائه مع ترامب من جهة والتفافه حول الديموقراطيين ممن يستعدون للانتخابات ضد الحزب الجمهوري من جهة أخرى، بينما ترى أوباما نفسه الذي همش مظاهرات وول ستريت خلال فترة حكمه داعمًا لمظاهرات اليوم كيدًا في ترامب والحزب الجمهوري؛ رغم أنه في فترة حكمه كانت هناك أيضًا جرائم عنصرية شنيعة لم يضخمها الإعلام الأمريكي كما فعل مع فلويد اليوم!.

أظنّ أن ما نراه اليوم من مظاهرات تخريبية في أمريكا وإن غلفها الغضب ضد العنصرية لكنها ناتجة بالدرجة الأولى عن تراكمات اقتصادية وفقر وظروف مادية قاسية والتي خرج بسببها المتظاهرون قبل عشرة أعوام مطالبين بعدالة الفرص الاقتصادية لصالح الفرد أمام الأثرياء! وهُمش صوتهم حينها! بظل ما خلفته جائحة كورونا إذ أفقدت ما يقارب 37 مليون أمريكي وظائفهم ناهيك عن دور الإعلام اليساري الراديكالي لخدمة مصالحه واللعبة السياسية التي يقودها الديموقراطيين بهدف تشويش الداخل الأمريكي لزعزعة الثقة الانتخابية في ترامب! خاصة أن شهور قليلة تفصله عنها ولا يحسد عليها، إنه يواجه أزمة المظاهرات التخريبية بجانب تداعيات «فيروس كورونا» التي تسببت في خسائر اقتصادية وارتفاع البطالة! لكن قد تكون هذه الأزمات المحيطة بترامب لصالحه وتجعل كفته الانتخابية ترجح بحسب تعامله معها، أقول ربما؛ فالذين خرجوا في مظاهرات تخريبية بهدف النهب والسرقة والتخريب هم آخر من يهتمون بالانتخابات! أما مواقفه الصريحة والعدائية للإعلام فهي مزعجة للإعلاميين والحزبيين لكنها لا تزعج الأمريكيين المهتمين بتحسين مستواهم الاقتصادي أولا والرافضين ثانيًا لدعم الجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان والنظام الإيراني ممن يريد الديموقراطيين دعمهم!

عمومًا الانتخابات قريبة والرهان على الوعي الأمريكي واختياره للفيل الجمهوري -وهو ما أظنه- أم الحمار الديموقراطي؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store