Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

أمريكا.. والسياسة الداخلية والخارجية

A A
أمريكا كانت ولا تزال تمارس دور (الشرطي الدولي) فتزج بأنفها في كل الشؤون العالمية.. فلم تسلم دولة من التدخل الأمريكي من أفغانستان شرقاً مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى نيكاراجوا وكوبا وبنما والهندوراس... وغيرها من دول العالم متدثرة بثوب المصلح ومحملة بأوهام من نسج خيالها؛ ومنها نظرية أسلحة الدمار الشامل عند صدام العراق والتهم التي أتضح أنها كذبة دمرت بلاد الرافدين وإعادتها قرون من التخلف الحضاري. وها هي أمريكا تتدخل في معظم الشؤون الداخلية للدول.. وخاصة فما يتعلق بالصين؛ العدو الجديد الذي حقق تفوقاً اقتصادياً أذهل العالم ووضع أمريكا في موقع المنافس الضعيف.. مما أفرز ما يسمى بـ(الحرب البيولوجية) وهي حرب عالمية بكل المقاييس لاجتياح كورونا covid-19 العالم بأسره ووفيات بمئات الآلاف.. والتراشق الإعلامي بين أمريكا والصين؛ كل يدعي أن فيروس كورونا قد جاء من مختبرات الآخر.. بل تهديد ترامب بفرض عقوبات صارمة اقتصادية وتعويضات بمئات المليارات من الدولارات على الصين.. ومما زاد الطينة بلة مؤخراً الاشتباك بين الدولتين حول (هونج كونج) حيث طالبت واشنطن انعقاد مجلس الأمن لمناقشة خطة الصين في فرض تشريع جديد للأمن القومي في هونج كونج «واعتبرت القضية مبعث قلق عالمي بالغ يمس ضمناً السلم والأمن الدوليين» -حسب صحيفة المدينة 6/10/1441هـ- في حين ردت الصين «بأنها ترفض الطلب رفضاً قاطعاً واعتبرت القضية شأناً داخلياً». فهونج كونج تحررت من الاستعمار البريطاني عام 1997م، وأصبحت إقليماً مستقلاً ويتبع الصين سياسياً وعسكرياً بالرغم من سلطتها الإدارية المستقلة. هذا التدخل الأمريكي لا مبرر له سوى الرغبة في السيطرة على المواقع الاستراتيجية البحرية العالمية حيث تقع على ساحل الصين الجنوبي محصورة بين بحر الصين الجنوبي ودلتا نهر اللؤلؤة وهي ممراً عالمياً لتجارة الصين. بل من مبررات ترامب مناقشة موضوع هونج كونج في مجلس الأمن «لانتهاكاتها المستمرة لالتزاماتها الدولية بحقوق الإنسان»!! هذا الاتهام يجب أن يراجعه ترامب في دولته أولاً قبل توجيه الاتهام للآخرين؛ فما حدث من قتل للمواطن الأمريكي الأسود فلويد على يد رجال الشرطة وتعامل ترامب بسلبية تجاه الموقف مما أدى إلى اندلاع احتجاجات بمئات الآلاف وحالات من الفوضى التي تندد بالعنصرية ونظرية تفوق (العرق الأبيض) والذي يعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان مما أدى إلى الإحباط الشعبي واحتجاجات في مدن عالمية كباريس ولندن وغيرهما.. ولكن ماذا لو أن ترامب فرض تحقيقاً عادلاً ومحاكمة للشرطي والمتورطين معه في قتل الرجل الأسود؟! وماذا لو ثبتت تهمة القتل العمد وضرورة إعدام الشرطي القاتل؟ -وهو ما تطالب به عائلة فلويد- حتماً سيتغير الموقف تماماً لأن العدالة هنا ستأخذ مجراها.. وهذا الذي تقوم عليه الشريعة الإسلامية السمحة التي تطبقها السعودية في نظام الحكم وطالما انتقدتها أمريكا ومنظمات حقوقية عالمية واعتبرتها (وحشية) وهي: قتل القاتل وقطع يد السارق.. وهي الحدود في الإسلام والتي لا يوجد لها مثيل في العالم وجعلت السعودية أقل نسبة في الجريمة فهي 0.8 لكل 100,000 نسمة، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 7.6 لكل 100,000 نسمة. فأهداف النظام الإسلامي تطهير المجتمع من الجرائم وردع كل من تسول له نفسه بارتكابها.. بل فيه إزالة ما يلحق بالصدر من غل وحقد تجاه الجاني وتهدئة النفوس المتألمة لقتل عزيز عليها، ومن المجتمع المناصر للعدل. إن سياسة ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية الداخلية والخارجية وكما قال (بايدن) منافسه للرئاسة جعلته جزء من المشكلة وليس حلاً لها، بممارسته انتهاك للقانون الدولي والقوة والتنمر السياسي، ولكن ألا تضر هذه السياسة بالانتخابات الأمريكية القادمة وتجعله في المخرج السريع وخارج اللعبة!؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store