Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

الصدقات عندما تكون علب كمامات!

اضاءة

A A
لعلها كانت أغرب صدقة شاهدتها طوال عمري على الإطلاق، هذا إن كانت صدقة، فليس من حقي الإفتاء في هذا المقام!

والذي حدث أنني حين جلست على أريكة إسمنتية خارج ورشة السيارات، وجدته يقترب مني وهو يمد يده لي بعلبة تصورتها مناديل ورقية، قبل أن أكتشف أنها كمامات! كان شكله فضلا عن ثوبه الأنيق، يشيران إلى أنه ليس بائعًا أو نحو ذلك، فاعتذرت له، مؤكدًا أن لدى الكثير! وما أن رآه عمال الورشة حتى تحلقوا حوله وهو يعطي علبة مكونة من 50 كمامة لكل فرد!

سألت صاحب الورشة، فقال إنه رآه يقدم بنفسه في رمضان قبل الماضي وجبات مغلفة من الإفطار الفاخر، وقال آخر إنه شاهده ذات مرة، يقف على باب مركز تجاري، يقدم ملابس جديدة للعمال الآسيويين! وقال زبون يجلس على الطرف الآخر من الأريكة إن المثل الشعبي يقول «إعمل الخير وارمه في البحر»!

قلت ما أجمله من خير أحسبه خالصًا لوجه الله.. إنه الخير الخارج بنية خالصة، يبتغي المساعدة ابتغاء لمرضاة الله.

اختفى الرجل، بعد أن أشاع جوًا من البهجة، حيث راح العمال يحسبون عدد العلب الموزعة مضروبة في خمسين ريال، وكان الزبون الآخر يسألني عما إذا كان يمكن اعتبارها صدقة؟ فقلت أعتقد ذلك، ورغم تلخيصي للإجابة بما يشي بعدم تمكني من الفتوى، فقد تولى هو الأمر، مؤكدًا أنها يمكن أن تكون من زكاة المال أيضًا! ولكي أخرجه من الحالة، سألته عن معنى عمل الخير وإلقاءه في البحر، وليتني ما سألت! راح الرجل يحكي لي عن هذا الشخص الذي كان بيته يشرف على جزيرة نائية.. ولأنه استشعر حاجتهم للمساعدة، فقد أرسل لهم صندوقًا كبيرًا مليئًا بالاحتياجات الضرورية، وهو لا يعرفهم وهم لا يعرفونه.. ولأن سيارتي كانت جاهزة للاستلام، فقد تركته يحكي للعامل الذي انهمك في تجهيز سيارته.. ومضيت منتشيًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store