Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

كم مرة سخرنا من "الأخوة الإنسانية"

إضاءة

A A
كم مرة سخرنا من عبارة «أخوة إنسانية» عند طلب شيء على سبيل المساعدة المادية أو المعنوية؟! كم مرة استخدمتها سخرية في مسكنك مع جيرانك عندما طلبوا منك السماح بشيء مؤقت يمس من بعيد بعيد سيادتك أو تحكمك في سور بيتك؟ وكم مرة استخدمتها ساخرًا من زميلك، وهو يطلب منك إنجاز شيء على سبيل التعاون؟! وكم مرة رددتها ضاحكًا وأنت تقرأ خطابًا من مستأجر لعقارك يطلب فيه إمهاله شهر أو أكثر لحين توفر المبلغ؟!

السؤال الآن، هل اختلفت قيمة «المصطلح» الذي كان استخدامه قبل الفيروس مدعاة للسخرية والتندر، عما بعده؟!

كل الدلائل تشير الى أنه تغير في بعض الأمور، خاصة عندما تفرح بهبوط معدل الإصابة في إيطاليا أو اسبانيا، رغم عدم وجود فرد من عائلتك هناك! وكذلك عندما تصيح فرحًا وأنت تقرأ أو تشاهد أو تسمع خبرًا عن إعلان دولة أخرى خلوها تمامًا من الفيروس!

لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لمبدأ الأخوة الإنسانية، بالنسبة للكبار، والتوجيه به والتدريب عليه بالنسبة للصغار! ومن الواضح أن مسألة التدريب في هذا الجانب غاية في الأهمية، باعتبار أنه يشبه تعلم السباحة! فمهما يكن التلقين والشرح، فإن ظروف البحر أو النهر الذي سينزل الطفل إليه، تعمل عملها إزاء إجادة العوم أولا ثم الاقدام عليه ثانيًا، ثم حبه ثالثًا ورابعًا وخامسًا!

إن مشهد علاقاتنا الإنسانية، على كافة المستويات، يشير الي إسقاط هذا المبدأ من حياتنا عمليًا، والاكتفاء بترديده نظريًا، ومن ثم فقد جاءت كورونا لتحذر وتنبه وتشير إلى أهمية بل وحتمية الأخذ بالأخوة الإنسانية، في المواجهة.. بدءًا من النصح والإرشاد، وصولا إلى الحب من القلب، مرورًا بالسؤال، وعرض الخدمات، والدعم الحقيقي.

ومن حسن الطالع، أن تزوير هذا المعنى أو الغش فيه، يتم إدراكه على الفور، ويزداد انكشاف الأمر في زمن الفيروس الذي يهدد الإنسانية كلها، ويدفعها دفعًا للتعاون والتشاور والدعم المادي والمعنوي، فلن ينفعك أن تكون سليمًا وجارك أو زميلك مصابًا، ولن ينفع هذا الحي أن يكون خاليًا والحي المجاور مليئ بالفيروس، والحال نفسه مع الدول، بل مع القارات!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store