Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

«سـم هــاري»

A A
يرمز العنوان إلى السم القاتل بأشكاله وألوانه المختلفة.. ومما لاشك فيه أن أحد أهم عوامل السمية هي الجرعة، أي الكمية التي تسبب الضرر لأن العديد من المواد تصبح سامة عندما تصل إلى «عتبة» معيَّنة.. وبعض منها تسبب الضرر للبشر حتى وإن كانت كميتها ضئيلة جدًا.. وفي عالم العناصر الطبيعية هناك مواد سامة حتى وإن كانت «على الريحة».. والمشكلة أن بعض منها استخدمت عبر التاريخ وكأنها أدوية، أو مكملات غذائية، أو مواد تجميلية.. وعلى رأس قائمة السموم نجد الزئبق الذي كان من أهم مكونات الأدوية المنتشرة حول العالم إلى مطلع القرن العشرين.. كان من مكونات أحد الأدوية واسعة الانتشار اسمها «كالوميل» بمعنى «الأسود النافع».. وكان يستخدم لتفريغ الجهاز الهضمي بطرق مرعبة.. كان يسبب مضاعفات كبيرة للمرض الأساس فيتحول الجهاز الهضمي للمريض الغلبان إلى ما يشبه منظومة دفع الصاروخ الباليستي.. وسبحان الله أن استعماله استمر على مر السنين بدون إثارة الشكوك بالرغم أنه كان يؤذي أكثر مما يداوي، وكان يدمر أكثر مما يعالج.. واليوم ولله الحمد أصبحت استخداماته الطبية مقننة ومنها على سبيل المثال في عالم طب الأسنان في مستحضرات لا تؤذي البشر.. وهناك أيضًا الغرائب في عالم سم «الزرنيخ».. وسبحان الله أن هذا العنصر يظهر أذيته وغلاسته من اسمه.. من الصعب أن تتخيل إيجابيات نابعة من اسم كهذا.. وكان يعرف باسم «بودرة الإرث» بسبب استخداماته الخبيثة للتخلص من بعض البشر للحصول على أموالهم من ورثتهم.. وإحدى الحالات الغريبة لاستخدامات هذا السم كانت في منطقة اسمها «استريا» على وزن «هيستريا».. وتقع بداخل حدود النمسا.. واشتهرت المنطقة في منتصف القرن التاسع عشر بعشقهم للزرنيخ.. اتقنوا فنون إضافته لمأكولاتهم، وكانوا يدعون أن ذلك يوفر لهم النشاط والحيوية والجمال.. وكانت حالات الوفيات بسبب تناول السم من أسرار المنطقة.. وأحد أسباب انتشار الزرنيخ كانت بسبب الادعاءات الجمالية.. أنه يفتّح البشرة، ويحمّر الخدود، ويقلص الوزن. ومع الأسف ساهم ذلك في انتشار الوفيات.. ومن عجائب الزرنيخ أيضًا أنه كان يستخدم في تحضير اللون الأخضر لطلاء ورق الجدران.. وكان ذلك اللون المريح منتشرًا في أوروبا وبالذات في بريطانيا.. وتسبب تطاير رقائق السم من أسطحه في مرض ووفاة الآلاف.

وإحدى السموم الغريبة التي كانت تستخدم كأدوية للعديد من الوعكات قبل حوالى مئة عام هي العناصر المشعة.. وأخص بالذكر مادتي الرادون والراديوم.. كانتا من أغلى الأدوية ولذا لم يستعملهما إلا الأغنياء.. وكانتا تذوبان في مياه مقطرة نقية.. ومفعولهما أشبه بإدخال قنابل ذرية صغيرة بداخل الجسم.

أمنية

فضلاً تخيل عدد الأقراص التي تتناولها سنويًا وستجد أنها مذهلة.. لو كانت بمعدل ثلاثة يوميًا فقط، فسيفوق الإجمالي الألف سنويًا.. يعني ما يكفي لتعبئة «زنبيل». أتمنى أن نقنن كمية الأقراص التي نأخذها بسبب وبدون سبب وخصوصًا في زمن جائحة الكورونا.. بعض منها قد يكون له عواقب لا يعلم بها إلا الله.

وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store