Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

فعله أفدح من قتل (فلويد) لو ثبتت!

A A
اعتاد الابن الكريم الدكتور باسل عمر الساسي عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الصناعية في جامعة الملك عبدالعزيز، ووكيل عمادة الدراسات العليا، اعتاد أن يوافيني بأي مادة تتعلق بوالده أستاذي وأحد مؤسسي قسم اللغة العربية بالجامعة الأستاذ الدكتور عمر الطيب الساسي رحمه الله، الذي له فضل الأستاذية على جميع أبناء جيلي من أساتذة القسم وأجيال أخرى جاءت بعدنا، وآخر مادة وصلتني من الابن الدكتور باسل صورة لمادة صحفية تعود إلى عام 1965م أي إلى خمسة وخمسين عامًا مضت، نُشرت في جريدة (البلاد) العريقة تحت عنوان «وزير المعارف يعقد اجتماعًا مهمًا في مدينة بون بألمانيا: معاليه يناقش مع الطلاب السعوديين هناك مشكلاتهم الدراسية».

وكان هذا الاجتماع التأريخي كما جاء في الخبر في 24 /4 /1965م.. وجاء فيه أيضًا: أن جميع مشكلات الطلاب عُرضت على الوزير حسن آل الشيخ في هذا الاجتماع الذي حضره جميع الطلاب المبتعثين في مدن: بون وكولون وأخن ومونستر، من خلال خطاب جامع ألقاه نيابة عن الطلبة أمام الوزير الطالب عمر الطيب الساسي، ومن أهم القرارات والإجراءات التي اتخذها آل الشيخ رحمه الله وقتها أن وجه الملحق التعليمي آنذاك (لم يذكر اسمه) وكان ملحقًا في أوروبا كلها بإجراء دراسة شاملة لكافة اللوائح والأنظمة المتبعة تجاوبًا مع مطالب المبتعثين، وإعادة بعض الطلاب الى جامعات أخرى بألمانيا بعد أن فصلوا نتيجة لتعثرهم في الدراسة نظرًا لاختلاف النظم واللوائح من جامعة لأخرى في ألمانيا.. وقد أكد آل الشيخ وقتها تقديره العميق لرسالة العلم ولأبناء الوطن الذين تغربوا من أجله.

كما ناقش معاليه كل طالب في مشكلته، وأصدر قرارًا بإعطاء الفرصة على مدى أوسع للطالب عندما يرسب كي يحقق النجاح ويصل إلى الهدف الذي قدم من أجله لتلك البلاد، إضافة إلى زيادة بعض المخصصات المالية.

ذلك مجمل ما جاء في هذه المادة الصحفية التأريخية التي تدل على اهتمام الدولة -رعاها الله- بأبنائها طلاب العلم عامة، والمبتعثين خاصة منذ بداية عهود الابتعاث وحتى يوم الناس هذا.. وقد ربطت بين هذه الحادثة التأريخية، وما يحدث اليوم في أمريكا من مضايقات للمبتعثين الأجانب عامة، وآخرها ما نشر في صحيفة (سبق) الالكترونية تحت عنوان «أمريكا تطالب المبتعثين الأجانب بالمغادرة وتهدد بمنع الدخول وإلغاء التأشيرات والترحيل».. ومفاد الخبر أن سلطات الهجرة الأمريكية لن تسمح للطلاب الأجانب المبتعثين أو الدارسين على حسابهم الخاص بالبقاء على أراضيها إن كانوا مسجلين في مؤسسة تعليمية تقدم حصصها التدريسية عن طريق الإنترنت أي عن طريق التعليم عن بعد.. ولن تصدر تأشيرات للطلاب المسجلين في أي برامج تعليمية إن كانت متاحة عن طريق الإنترنت عند استئناف الدراسة هذا العام، وجاء في بيان الخارجية: «يجب على الطلاب الموجودين حاليًا في الولايات المتحدة المسجلين في مثل هذه البرامج مغادرة البلد أو اتخاذ تدابير أخرى مثل الانتقال إلى مؤسسات تعليمية تلزم الطلاب بالحضور للبقاء داخل البلاد بوضع قانوني، وأن كل من يخالف تلك الأمور سيكون عرضة للعقوبة وإلغاء التأشيرة والترحيل».

وتنطبق القواعد الجديدة على الطلاب الذين يحملون تأشيرات f2، وهي التأشيرة التي يحملها معظم مبتعثينا.. وفي تقديري الشخصي إن صح هذا الخبر واتخذ هذا القرار في أمريكا، فسيكون إمعانًا في العنصرية وأنكى وأشد بلاء من مقتل جورج فلوريد تحت أقدام الشرطي ديرك شوفين.. فما ذنب مئات الآلاف من المبتعثين والدارسين الأجانب الذين أمضوا سنوات من المجاهدة والمكابدة في التحصيل الدراسي، وبالغت الجامعات الأمريكية في تحصيل الأموال منهم بمليارات الدولارات، ما ذنبهم إن حولت بعض الجامعات تدريسها إلى التعليم عن بعد بسبب هذه الجائحة القادمة كورونا؟ وما يهمنا هو مبتعثونا الذين يعدون بعشرات الآلاف في أمريكا، وكثير منهم أوشك على التخرج.. وأذكر هنا بما كان من وزارة المعارف قبل خمسة وخمسين عامًا من ايجاد حلول للطلاب الراسبين المتعثرين، فما بالنا بالطلاب المتفوقين الناجحين؟. والدارسون في أمريكا الآن على أحر من الجمر ليسمعوا من مقام وزارة التعليم عن حقيقة الخبر، وإن صح أن توفر لهم الحلول والبدائل كما فعل حسن آل الشيخ قبل أكثر من نصف قرن رحمه الله رحمة واسعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store