Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

حرب الملكة والوصيفة!!

A A
هذا الصراع الذي يحصل حالياً بين أمريكا والصين، وآخر مظاهره إغلاق القنصلية الصينية في هيوستن الأمريكية، وإغلاق القنصلية الأمريكية في تشنغدو الصينية، واتهامات متبادلة بالتجسس ليس بِدْعاً من الصراعات، بمعنى أنّه ليس الأول من نوعه، ولو رجعنا للتاريخ لوجدنا أنّه بعد التعاون الذي حصل بينهما خلال الحرب العالمية الثانية، جاء الصيني ماوتسي تونغ إلى الحكم مُمتطياً ظهْر تنّين الحزب الشيوعي، ليتغيّر التعاون إلى حرب صريحة حول كوريا وفيتنام، وصُنِّفَت الصين آنذاك كثاني أكبر عدوّ لأمريكا بعد الاتحاد السوفييتي الغابر!.

وبعد تشغيل آلة الإصلاح الاقتصادي في الصين عادت العلاقات شبه طبيعية بين الدولتيْن العملاقتيْن، ووقّعتا عدّة اتفاقيات لخفض الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.

وحتّى عام ٢٠١٤م كانت أمريكا تتربّع مثل الملكة على عرش الاقتصاد العالمي دون منافس، وتلبس تاجه المُرصّع، وكانت الصين هي وصيفتها وتقبع في ظلّها ملكة احتياطية لا طموح خطير لها، لكنّ الواقع وتقارير وتحاليل البنوك الدولية انهمرت بعد ذلك مُؤكِّدةً قُرْب انقلاب الوصيفة على الملكة، وانتزاعها للعرش بالقوة، وحدّدت ذلك بين عامي ٢٠٢٠م و٢٠٣٠م، وقُرْب تحوّل المصالح الاستراتيجية بين الدولتيْن إلى عداء مباشر، وهذا بالضبط ما يحصل الآن، ويكتنف المستقبل ما هو أخطر من ذلك بكثير.

وحلبة الصراع الآن مشتعلة، على البارد قبل الساخن، تحت الطاولة وفوقها، وعليها الملكة ووصيفتها، ولا حكم مُحايد يتواجد على الحلبة، كي يُفرّق بينهما عند الالتحام الشرس وغير القانوني، بحيث يُعيد كلّ واحدةٍ منهما لرُكْنِها في أقصى الحلبة عند اللزوم واشتداد الصراع، وبدأت الوصيفة بتسديد ضربة مُوجِعة للملكة تحت الحزام، هي باختصار إطلاق سراح فيروس كورونا من مخبئه باتجاه موطن الملكة، مروراً بالطبع بكلّ دول العالم، وتلقّت الملكة الضربة المُوجِعة بغضب وعجرفة، وبدأت بتعبئة قوّاتها لتردّ الضربة بأشدّ وأقوى منها، والعالم كلّه هو قرية صغيرة، وسينال نصيباً مؤلماً من الضربات المتبادلة بين الدولتيْن، والمنظّمات الدولية وعلى رأسها هيئة الأمم المتّحدة تحوّلت لمتفرّج يلطم نفسه أحياناً ويُبدي قلقه أحايين، والاتحاد الأوروبي انكفأ على ذاته ويحاول إنعاش نفسه، ومثله فعلت الكثير من الدول المؤثِّرة عالمياً، وانتهزت الفرصة دول كُبْرى وأخرى إقليمية للتوسّع على حساب الأقربين والأبعدين، والاستيلاء على الثروات والموارد، وكلٌ يغنّي على ليلاه، بينما معظم الدول العربية تغطّ في نومٍ عميقٍ، وغير مدركة لخطورة الصراع الأمريكي الصيني، وتتعرّض لمؤامرات تقودها مالياً قطر، وتنفذها ايران وتركيا، ولا حلّ لها سوى أن تعقلها بالاستقواء الذاتي، اقتصادياً وعسكرياً، مع التوكّل على الحيّ الذي لا يموت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store