Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

سفير في عهد خمسة رؤساء

شذرات

A A
لعل من الصدف النادرة أن يتعاقب خمسة رؤساء لجمهورية أندونيسيا خلال الفترة التي أمضاها السفير عبدالله عبدالرحمن عالم سفيراً لبلاده في جاكرتا، بدءاً بالرئيس سوهارتو، بحر الدين يوسف حبيبي، عبدالرحمن وحيد، ميجاواتي، الجنرال سوسيلو بامبانغ.

من الطقوس المتعارف عليها في أندونيسيا فيما يتعلق بشئون الحج أن كبار المسئولين في الدولة يودعون الرحلات الأولى المغادرة الى بلاد الحرمين، كما يُدعى السفير السعودي لإلقاء كلمة توجيهية للحجاج ثم يُطلب منه في نهاية اللقاء الدعاء للحجاج بما يراه مناسباً، ومن العُرف أن يتضمن الدعاء بأن تكون خاتمتهم في مكة أو المدينة، عندها تتعالى أصواتهم وهم يؤمّنون قائلين آمين آمين وعيونهم تسكب الدمع من كثرة التضرع إلى الله.

في أعتاب حادثة المعيصم في الحج قبل أكثر من عقدين توفى عدد من الحجاج في أعقاب الحادث وكانت هناك غالبية منهم من حجاج أندونيسيا، فقامت بعض المظاهرات في بعض المدن شملت جاكرتا ثم جاء المتظاهرون بجوار السفارة السعودية، كان السفير يشهد الموقف من السفارة ثم استخار الله بأن يذهب بنفسه أمام المتظاهرين لكن أمن السفارة السعودية حاولوا أن يثنوا السفير عن مواجهة حشود المتظاهرين وتحت إصراره خرج السفير ولحظة إطلالته بادرهم بالسلام فخيَّم الهدوء وردوا السلام ثم قال: هل كل هذا التظاهر لوفاة بعض من اختارهم الله ليموتوا في مكة، ادعوا معي بأن يميتني الله في مكة أو المدينة وأنال هذا الشرف العظيم، ثم تحوَّل المتظاهرون إلى تصفيق للسفير والدعاء له، وهكذا عولج الموقف.

ومما يُحسب للسفير عبدالله عالم أول سفير للمملكة في الصومال وخلال فترة الحرب الأهلية وكانت هناك علاقة وثيقة بين المملكة والرئيس الصومالي سياد بري وفي تلك الفترة صدر حكم بالإعدام على عمر عرتة رئيس الوزراء، فبعث السفير لوزير الخارجية سعود الفيصل ثم جاءه الرد: ما مدى قبول الشفاعة؟، حاول السفير بمبادرة من عنده مقابلة الرئيس ونقل له تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -يرحمه الله- ورغبته في الاطمئنان على صحته، ثم عرض السفير ما تردد في بعض الأوساط عن العزم في إعدام السيد عمر عرتة رئيس الوزراء، فدُهش وغضب الرئيس متسائلاً: كيف تسرَّب هذا الخبر، والأمر الآخر نحن لا نقبل أياً كان أن يتحدث في هذا الشأن، لكن السفير أكد مكانة الصومال الكبيرة وأهميتها لبلاده ومكانة الرئيس سياد بري لدى الملك فهد، إلا أنه اعتذر مرة أخرى بأن حكم الإعدام سينفذ فيه، ثم أستأذن السفير الرئيس بالانصراف وقال له: لقد فشلت في مهمتي كسفير لبلدي في الصومال، وأعتقد أنني لا أستحق أن أكون سفيراً لبلدي هنا، وودعه، إلا أن الرئيس سياد بري فاجأه قائلاً: سوف لن يتم الإعدام، وعندما قص السفير ما حدث لسمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل علق قائلاً: يالها من مغامرة.

إن على السفير عبدالله عالم (أبوباسم) مسئولية عاجلة لكتابة مذكراته ليستفيد منها الآخرون، ولعل ما تجدر الإشارة إليه أن السيدة حرمه قامت بدور مكمل، ومثلت بلادها خير تمثيل وكانت نموذجاً مشرفاً يُقتدى به.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store