Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

البنوك الخاسرة!!

A A
فوجئت كثيراً بسماع أخبار الخسائر الكبيرة لبعض البنوك السعودية خلال الفصل المالي الواحد، أي في بحر رُبْع سنة فقط، وهي خسائر مُدوّية تتصدّر نشرات الأخبار الاقتصادية في كلّ القنوات، وعلى رأسها قناة CNBC الرصينة!.

ومع سماعي للخسائر أجدني أعصر ذاكرتي كما تعصر غسّالةُ المنزل القديمة الملابس المغسولة قبل نشْرها على حبل الغسيل، مُحاوِلاً تذكُّر خسائر قديمة مماثلة لبنوكنا، فلا تُسْعِفني ذاكرتي بشيء رغم أنّها -بفضل الله- في ريْعان الشباب عكس صاحبها الكهل العجوز!.

والخسائر تبدو لي غريبة، ليس بعض الشيء بل كثير الشيء، بسبب ضعف المُبرّرات حتّى لو كانت مُبرّرات بحجم جائحة كورونا، كما أنّ بنوكنا محظوظة مقارنةً ببنوك العالم الخارجية، فجُلُّ عملائها لا يأخذون منها فوائد مقابل ودائعهم المليارية في مجموعها، وحساباتهم جارية وليست ادّخارية بفوائد بسيطة أو مُركّبة، فضلاً عن أرباحها الكبيرة من القروض، وسيطرتها التامّة على مجاري التعاملات العقارية والتجارية والصناعية والزراعية والاقتصادية والرواتب وفواتير الخدمات وعقود المشروعات والضمانات وتداول الأسهم والبطاقات الائتمانية، إلخ، إلخ، ناهيكم عن كوْنها شحيحة جدّاً مثل الذين ذكرهم الجاحظ في كتابه الشهير «البخلاء»، وليس لها نفقات خيرية تُذكر، وهذا كلّه يجعلها مُحصّنة تماماً ضدّ الخسائر، فكيف تحدث تلكم الخسائر؟، هذا ليس سؤالاً واحداً بل تردفه أسئلة كثيرة تتعلّق بمدى متانة بنوكنا في الوقت الحاضر؟، وهل تُدار بشكل صحيح؟، وأين ريع استثماراتها الذي يُفترض أن يكون بعافية؟، وهل بات المُستهلِك يضمن سلامة أمواله فيها إن تكرّرت الخسائر؟، وهل ستكون قادرة على أداء حقوقه كما في السابق؟.. والله وتالله وبالله لا أعلم، ولكنّى أعلم أنّ خسائر كهذه لا يجب أن تمرّ مرور الكرام على مؤسّسة النقد، تحليلاً وتحقيقاً وتنقيباً، فالبنوك لأيّ دولة هي واجهة مالية، وفيها «فلوس» النّاس، والنّاس مرتبطون بها ارتباط الجنين بأمّه، وسلامتها مطلب، فلا تَرْتَعَنّ الخسائرُ فيها مثل العدوى المرضية الخطيرة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store