Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

جدار برلين وتوطين المهن الهندسية!!

A A
هل تكتمون سرّاً؟، ربّما أكون الوحيد الذي لم يفرح كثيراً بقرار وزارة الموارد البشرية توطين المهن الهندسية، وليس هذا اعتراضاً منّي أو كراهيةً فيه ـ معاذ الله- فالعكس هو الصحيح، ومقالاتي الكثيرة السابقة تشهد بحُبّي وتشجيعي الكبير له!.

إذن، لماذا لم أفرح كثيراً؟، الجواب ببساطة هو: لأنّ المطلوب من الوزارة ليس قرار توطين المهن، بل قرار توطين كثيرٍ من مسئولي الجهات التي تملك وظائف المهن، خصوصاً في قطاعنا الخاص، والتوطينان يختلفان عن بعض وإن اشتركا في الاسم!.

وقبل أن أشرح الاختلاف بينهما، عليّ أنّ أعتذر إذا استخدمتُ عبارة «توطين مسئولي الجهات»، إذ لا أقصد والله تجريدهم من الوطنية، أو تخوينهم، أو المزايدة عليهم بالوطنية، لكنّهم تعوّدوا منذ بدايات طفرة التنمية السعودية في سبعينيات القرن الماضي على تفضيل المهندسين الأجانب في التوظيف، وأصبح ثقافة متجذّرة فيهم وفي أجيالهم التي أعقبتهم، ومن الصعوبة بمكان تخلّيهم عن هذه الثقافة بين يوم وليلة، لاعتبارات عديدة ليس هنا المجال لذكرها، لكنّهم في المحصّلة يحتاجون لدورة تأهيلية تُبيّن لهم مدى أهمية توطين المهن الهندسية، وأنّ القطاع الخاص هو العمود المتين الذي تقوم عليه التنمية الهندسية، وأنّه لا بُدّ من كسرهم للحاجز النفسي والمادي وكافة موانع الثقة بينهم وبين المهندس السعودي، ليتوحّد شطرا القطاع الهندسي السعودي، كما توحّد شطرا مدينة برلين الألمانية بعد كسْر حائطها الذي أقامته الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية، وأن يُدرك مسئولو الجهات أنّه لم يعد هناك فرق فنّي بين المهندس السعودي والأجنبي، هذا إن لم يتفوّق السعودي بقوّة مناهج دراسته الجامعية، وإخلاصه لوطنه، مع احترامي للمهندس الأجنبي، مقابل تمتّع هذا الأخير بالخبرة العملية التي لم يكتسبها إلّا لدينا!.

فدعني أفرح يا قطاعنا الخاص، حتّى من غير تدخّل الوزارة، وكلّ المطلوب منك هو ممارسة دور بطولي يعود بالنفع للجميع، ويتوطّن معه العمل الهندسي، ليس بالضروري بنسبة ١٠٠٪ بل بالنسبة التي لا تُعطّل آلافاً من المهندسين عن العمل، فيعانون من البطالة، بينما يرون كلّ ما حولهم يُهندَس بأيدٍ أجنبية!.

قولوا تمّ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store