«القرني».. كفيف أنار الطريق لطلابه على منصة «مدرستي»

لم يقف عائق عدم الإبصار حائلاً أمام المعلم عبدالعزيز محمّد محسن القرني عن تحقيق طموحه الأكاديمي، والترقي في سلّم العلم، حيث حصل على درجة البكالوريوس تخصص لغة عربية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة قبل 14 عامًا، وتحديدًا في العام 1428هـ، ثم أضاف إليها دبلومًا في التربية الخاصة من الجامعة نفسها، مؤهّلاً نفسه بذلك لخوض غمار العملية التعليمية، التي قضي فيها 12 سنة، ثلاث منها في ابتدائية الفاروق بمحافظة بيشة، وأربع في ثانوية الفتح بجدة، وخمس في مدرسة عقبة بن نافع التابعة لمكتب التعليم بالصفا في جدة، سنوات قضاها معلمًا لأصحاب العوق البصري، واشجًا المسافة بينه وبينهم عبر وسائل التعليم الخاص بهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعًا.

ثم كان التحدّي الكبير الذي واجهه القرني بإقرار التعليم عن بعد عبر منصّة «مدرستي»، في ظل الظروف التي ما يزال العالم يعاني من تأثيرات جائحة كورونا، التي يُحمد لوزارة التعليم في بلادنا المبادرة بإنشائها في زمن قياسي، والمتابعة الدقيقة لكل الثغرات التي تحدث بها، والمسارعة في معالجتها، وتلافي تداعياتها، مما وضع المملكة في مصاف متقدّم من حيث عملية التعليم عن بُعد.

ومما يحمد للوزارة في هذه المنصّة إفرادها لبرنامج خاص لذوي الإعاقة البصرية، لتتم العملية التعليم بالنسبة لهم على خير ما تقوم به أواصر العلاقة بينهم وبين ومعلميهم، ومن بينهم الأستاذ القرني، الذي لم تمنعه الإعاقة من تقديم دروسه لطلابه عبر المنصّة، في مشهد يدعو للفخر والإعجاب، ويبعث على الزهو والتأكيد قدرة الإنسان السعودي الذي يقهر المستحيل من أجل الوصول إلى الغايات السامية..

ويقدم عبدالعزيز القرني اليوم نموذجًا ومثالاً حيًّا وواقعيًا على ماهية المعلم المنضبط والمثابر والمتجاوز للعقبات على اختلافها، والباعث على الأمل، والمستنهض لهمم طلابه بعد الركون للإعاقات، والعمل على تجاوزها بروح المثابرة والعزم والهمة الماضية العالية، فهو اليوم لا يلقي دروسًا تعليمية تتصل بالمنهج المقرر، ولكنه يبعث معها هذه الرسائل العظيمة التي لا تقل أهمية وأثرًا عن المقرر الدراسي.. فلمثل هذا الأستاذ القدوة نرفع الأصوات بالتحية والشكر والعرفان والامتنان، ولوزارة التعليم الشكر على أن جعلت من هذه المنصة نافذة تستوعب الجميع، وتدفع بالعملية التعليمية في بلادنا في هذه الظروف الاستثنائية المعقدة.