Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

تحرير «القضية الفلسطينية» من القيادات الفاسدة!

A A
عرضت قناة العربية في ثلاثة أجزاء قبل أيام اللقاء الوثائقي العميق مع رجل المهمات الصعبة والملفات السياسية الحساسة صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز؛ ولم يكن مجرد لقاء وثائقي سياسي يوثق تاريخ أهم وأكبر ملف سياسي عاشته المنطقة لعدة أجيال عربية، بل كان شهادة للتاريخ وتثبيتاً للحقائق لأجل أجيال قادمة من السعوديين والعرب أيضاً؛ ممن لم يشهدوا المرحلة مثلنا وآبائنا وأجدادنا، والتي جعلت منها قياداتها الفلسطينية المتتابعة منجماً لمصالحهم الشخصية؛ ضاربين بآلام شعبهم عرض الحائط الإسرائيلي وحصاره، وكيف لا؟! وهي بمثابة»دجاجة» تبيض لهم ولأولادهم «الذهب»!

لقد كنّا منصتين بكل جوارحنا لحديثه القريب من القلب وذكرياتنا مع هذه المعاناة، العميق في توثيقه للأحداث، مُدشناً موقعه الرسمي الموثق بالوثائق لكل ما سرده في لقائه من مواقف القيادات السعودية المشرفة التي نفخر بها وقد سخرت كل إمكاناتها ومصالحها وعلاقاتها لأجل إنهاء «معاناة الشعب الفلسطيني» منذ الملك المؤسس -طيب الله ثراه- الملك عبد العزيز آل سعود وكافة أبنائه الملوك -رحمهم الله جميعا- وانتهاء بسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي لطالما أكد بقوله وفعله أن «القضية الفلسطينية قضيتنا أيضاً».

إن حديث السفير فوق العادة الأمير بندر بن سلطان بشفافية قطع به الطريق على كل من يحاول تزييف الحقيقة أو المتاجرة بها، واضعاً حداً للأبواق الإخوانية والرخيصة منعدمة الضمير ممن يزايدون على السعودية قيادة وشعباً في أهم قضية ترعاها بضمير إنساني مُتفانٍ؛ سواء تلك الحناجر الفلسطينية التي لا تجيد سوى»رقص الدبكة» وهي تشتمنا، أو الخائنة التي طردتها أوطانها العربية وباتت تنظر من مقاهي تركيا! بخسة ونذالة على الخليج؛ وتعايرنا بالجَمل والصحراء والبداوة ولا تعرف أنها ثقافتنا الأصيلة التي نفخر بها ومنها بتنا الدولة العربية الوحيدة ضمن القوى العشرين في العالم.

لا شك أن تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل كشف عن تلك الوجوه المُغبرة التي ظلّت تبتسم وكشرت عن أنيابها الخبيثة تركض إلى تركيا وإيران تُحيي مواقفها من رفض التطبيع!! رغم التطبيع التركي الإسرائيلي!، ورغم وجود أكبر كتلة بشرية يهودية في إيران يتمتعون بعلاقات ودودة مع إسرائيل تحت عين الحرس الثوري!، وهذا ليس جديداً عليهم، فعلوها من قبل مع صدام حسين الذي ضرب الرياض بصواريخه!، وفعلوا الأسوأ حين خانوا الأردن التي احتضنتهم، وحين تسببوا في الحرب الأهلية في لبنان التي دفع اللبنانيون ثمناً باهظاً لها، لهذا طبيعي على من يتسم بالخيانة أن يتناسوا أن السعودية على رأس الدول المانحة لفلسطين مادياً وسياسياً، ورغم رخص حناجرهم!! ظلوا عاجزين أن يصلوا إلى سمو الأخلاق السعودية المنبثقة من رمال صحرائنا وسهولنا والشامخة بجبالنا، فنقدم العون ونأنف المنّ على من نتفضل عليه، ولا نلتفت لمسيء لأننا الأكبر، ندفع السيئة بالحسنة كما أوصانا القرآن الكريم ونهتدي بهدي المصطفى وأخلاقه عليه الصلاة والسلام؛ حتى في أصعب الظروف التي مرت بها السعودية وانخفض فيها سعر النفط ونحن نخوض حرباً في الحد الجنوبي على الحوثيين الذين تدعمهم إيران وتركض لها الفصائل الفلسطينية تُقبِّل يديها بخسة دون مبالاة أن صواريخها ضربت «مكة المكرمة»!!. كل ذلك والسعودية لم تتوقف عن دعم القضية الفلسطينية بأجود ما لديها، لأنها قضية شعب فلسطيني؛ لكن ابتلاه الله بسلطة فصائل ضمائرها تُباع وتُشترى بالريال القطري وتُدارعقولها من تركيا وتُستنزف أرواحها من إيران!!.

إن هذا اللقاء الصريح لسموه حول ملف سياسي شكَّل أكثر من 70% من اشتغاله السياسي على مرّ سيرته العملية والتي تتشكل منها حقبة تاريخية سعودية مهمة؛ كشف فيه حقيقة معاناة الشعب الفلسطيني واضعاً يده على الجرح الذي تمثل في قيادات فلسطينية ضيعوا الفرصة تلو الأخرى عشرات السنين، وحين اقترب حلّها تفرقوا واختصموا على»كعكة حكم فلسطين» وباتوا يقتلون بعضهم بعضاً! وهم يبيعون ويشترون في الشعب الفلسطيني كل هذه السنين الطويلة التي تفككت فيها دول واستقلت أخرى وتغيرت فيها جغرافية العالم، فمن ينسى استقلال 15 دولة من دول الاتحاد السوفيتي عام 1991م؛ واستقلال سنغافورة عام 1965م، وانتهاء الحرب الصربية البوسنية الكرواتية وغير ذلك، فيما بقيت القضية الفلسطينية لا تُبارح مكانها والخارطة الإسرائيلية تتمدد؛ نتيجة فشل من يمثلونها واستمرارهم في متاجرتهم الرخيصة بمعاناة ملايين الفلسطينيين اللاجئين في مخيمات الأردن وسوريا ولبنان ناهيك عن الموجودة في فلسطين، فيما يعاني مئات الآلاف في غزة ويعيشون في حصار إسرائيلي تحول إلى سجن تستعبدهم فيه مليشيا حماس الإخوانية الإرهابية، حتى تحولت غزة إلى مقبرة تمتلئ بالأحياء؛ وقد كتبت عنها مقالاً عام 2019 هنا بهذه الجريدة «غزة المقبرة التي تحكمها مليشيا حماس!» تجدونه على هذا الرابط

https://www.al-madina.com/article/643558 .

هذا اللقاء الوثائقي جعل الرؤية أكثر عمقاً للداء بعد أن اختصرها الأمير بندر في كلماته بأن:»القضية الفلسطينية قضية عادلة ممثلوها فاشلون بينما القضية الإسرائيلية قضية غير عادلة لكن ممثليها ناجحون، رضينا أو ما رضينا هذا هو الواقع ونتائجها على الأرض».

لذلك أعتقد أن التعاطي مع هكذا سلطة والثقة بها غير مجدٍ؛ لأن الشعب الفلسطيني لن يتحرر من معاناته إلا إذا تحررت»القضية الفلسطينية» من القيادات الفاسدة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store