Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

مباراة كرة سلّة في الجنّة!!

A A
قرأتُ مقالاً للكاتب مشعل السديري في جريدة الشرق الأوسط مؤخّراً، وعنوانه (يا ليت طولي ٦٠ ذراعاً)، وتطرّق فيه إلى الشاب السعودي الذي يسكن في قرية البدع، والذي بعد قراءته لسيرة أبينا آدم عليه السلام، وفيها أنّ طوله كان ٦٠ ذراعاً، حاك ثوباً بهذا المقاس، والتقط صورةً له بجواره، وبدا مثل الكتكوت بجانب الزُرافة!.

ثمّ تعجّب السديري وتساءل عن رواية طول آدم عليه السلام، وقال أنّها لا تمتّ للمنطق بصلة، وهي تخيّلات صاغها الأفراد الذين لا شغلة ولا مشغلة عندهم غير تأليف الخُرافات، وإلا ما أحلانا -والكلام للسديري- ونحن في الجنّة رجال ونساء بطول٦٠ ذراعاً، إذن ساعتها لا بد أن نلعب مباراة كرة سلّة ونحن نضحك!.

وأنا هُنا لن أعلّق على رواية الطول، ومن الذي رواها، وفي أيّ المراجع الدينية والتاريخية قد رواها، ومدى صحّتها من عدمه، فهذا ليس ما أجيده من علم، وإن كنت أؤمن أنّ الله على كلّ شيء قدير، بما في ذلك تطويل بُنية البشر وأبيهم وأمّهم، سواءً في الدنيا أو في الآخرة، وعلى الله النشأة الأولى والنشأة الآخِرة كما ورد في القرآن الكريم، بل سأعلّق على عدم ملاءمة السخرية التي انتهجها السديري عندما أشار للعب كرة السلّة في الجنّة، وأقول له أنّ السخرية في الكتابة الصحفية ليست غاية بحدّ ذاتها، بل هي وسيلة للتعبير عن شيءٍ ما بطريقة قد تُضْحِك النّاس، وإلّا انقلبت السخرية من عفوية إلى مُتصنَّعة وبالتالي مرفوضة من ذوي الحكمة وأولى الألباب، وهي ممقوتة في مواضع الغيْب، وأعتقد أنّه يجهل هذه الحقيقة، لأنّها تنعكس سلباً على كتاباته الصحفية، وتبدو أنّها محاولة يائسة وحثيثة لإضحاك النّاس، ولا شيء سوى الإضحاك، وكفى بذلك انتكاسة لكاتب هو أشهر من نار على علم، والجنّة ليس فيها مباراة كرة سلّة يفوز البعض بها ويخسر البعض، بل فيها نعيم دائم، وأنهار، وظلال وارفة، وقطوف دانية، وحورٌ عين، وما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفيها زيادة هي الأعظم، ألّا وهي رؤية الله عزّ وجلّ لا شكّ بذلك مقدار ذرّة.

ليس هكذا يا مشعل تُورد السخرية، ليس هكذا!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store