Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

الخلافات الزوجية في مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا (1)

A A
الذي استوقفني في موضوع أسباب الخلافات الزوجية، الآتي:

أولًا: اعتبار ضعف الوازع الديني من أسباب الخلافات الزوجية، التساهل في اقتراف الذنوب، والتهاون في ارتكاب المعاصي التي تكون سببًا لضيق الحال وقلة البركة، واضطراب الحياة الأسرية، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه:124]. وفي هذا قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «والله إنّي لأعلم ذنبي في خلق زوجتي، وفي خلق دابتي». [حلية الأولياء لأبي نعيم، 8/109، وتاريخ دمشق لابن عساكر 48/ 383].

وهنا أتوقف: لقد تجاهل معدو المنهج أنّ إدمان الزوج للمخدرات والمسكرات وممارسته العنف بمختلف أنواعه (بدني، ونفسي، ومالي) ضد زوجه وأولاده من أسباب الخلافات الزوجية، وأقول هذا من واقع القضايا والحالات التي ترد إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وبعضها وردني مباشرة باعتباري من أعضاء الجمعية المؤسِّسين، وبالرجوع إلى التقارير السنوية التي تصدرها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ستتضح هذه الحقائق، فلمَ يُحمِّل معدو المنهج الزوجة مغبة هذا بالاستدلال بمقولة الفضيل بن عياض رحمه الله «والله إنّي لأعلم ذنبي في خلق زوجتي، وفي خلق دابتي»؟.

فإن كان الفضيل بن عياض حمّل خُلق زوجته ذنبه، فلا يعني أن نعتمده، وندرسه لشباب الجامعات؟ ثمّ أنّ ربط خلق زوجته بخلق دابته منتهى الامتهان لإنسانية الإنسان عامة، والمرأة خاصة، وقد كرّم الله الإنسان في قوله تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء: 70].

فالملاحظ مدى انحياز مؤلفي الكتاب للرجل، حتى الخلافات الزوجية الناجمة عن اقتراف معاصٍ، يُنسبونها للزوجة، ويُبرِّئون ساحة الرجل منها رغم أنّ إدمان البعض منهم للمخدرات والمسكرات، وممارسة العنف ضد زوجاتهم وأولادهم من أهم أسباب الخلافات الزوجية!

كما يوجد تناقض بين ذكر حقوق الزوج التي تفوق حقوق الزوجة، وبين هذا القول في معرض الحديث عن الإخلال بالحقوق والواجبات الشرعية؛ إذ استدل بقوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ) [البقرة:228] قال ابن كثير»أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف» [تفسير: ابن كثير]

ثانيًا: علاج نشوز الزوج جاء هذا النص :»وقد يحتاج الصلح إلى تنازل الزوجة عن شيء من حقوقها سواءً كانت حقوقًا مالية، كأن تتنازل عن جزء من نفقتها، أو كانت حقوقًا غير مالية، كأن تتنازل عن حقها في المبيت، إن كان له زوجة أخرى.

وهذا ما ذهب إليه مُعدّو منهج «الفقه» للمستوى السادس، النظام الفصلي للتعليم الثانوي المسار العلمي والإداري للعام الدراسي 2018/‏2019، في درس «النشوز»؛ إذ ورد هذا النص:» فإذا خشيت المرأة من نشوز زوجها، فليس هناك حرج عليها ولا على زوجها أن تتنازل له عن شيء من حقوقها المالية، أو الزوجية، كأن تترك له كل نفقتها الواجبة عليه، أو جزءًا منها، أو أن تترك له ليلتها، إن كانت له زوجة أخرى».

فالمعنيان هنا لا يختلفان، بل كادا يتطابقان.

ثالثًا: علاج نشوز الزوجة

كما نجد المنهجين لا يختلفان في معالجتهما لنشوز الزوجة؛ حيث جاء في منهج فقه المرحلة الثانوية الآتي:

«ثالثًا : الضرب، وذلك حين يستنفد الزوج وسائل العلاج من الوعظ والهجر، ثم لا يرى لذلك أثرًا، فإن رأى -حينئذ- ضربها ناجعًا فله ذلك؛ وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص على أن يكون الضرب غير مبرّح، ويتجنَّب الوجه، لأنّ المقصود التأديب لا الإيلام..» [فقه المستوى السادس النظام الفصلي للتعليم الثانوي المسار العلمي والإداري للعام الدراسي 2018/‏2019، ص89.]

وهو لا يختلف عن ما ورد في منهج الثقافة الإسلامية في مضمونه، فالزوجة تعاقب بالضرب البدني في حالة نشوزها لتأديبها، والزوج في حال نشوزه على زوجته تكافئه بتنازلها عن نفقتها كاملة أو جزء منها له، أو ليلتها لزوجته الأخرى إن كان معدِّدًا لإرضائه وعدم تطليقها، أي تقره على نشوزه، ولا يُطالب بالإحسان إليها والالتزام بحسن العشرة والإنفاق عليها، ومنحها كامل حقوقها الزوجية والمالية، هل هذا يتفق مع ما أقره الله من عدلٍ إلهي؟

للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store