Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

قالت ليلى...!!

A A
مداهمة كورونا، وربما ظروف الحظر، مع بداية الجائحة، الخوف والقلق، كل ذلك، شكل ضغطاً نفسياً لدى الكثيرين منا، وأخذوا يبحثون عن طول المسافة بينهم وبين الضوء في آخر النفق.

هناك شيء ما في داخل كل منا ينزع لمعرفة القادم رغماً عنا، ربما هو الفضول الكامن في النفس البشرية لمعرفة المخبوء والمستور، حتى لو كانت هدية ملفوفة أو ظرفاً مغلقاً، أو شيئاً يتحرك خلف ستار!.

فالفضول إنساني فطري، الاختلاف في النسب التي يمكن أن ينميها الإنسان بالممارسة، ويمكن أن يتخفف منها بصرف النفس عنها، إلا أن الضعف الإنساني يغلب أحياناً، أو عندما يتعارض المنطق مع رغبات الإنسان واحتياجاته، أو عندما لا يجيب المنطق عن تساؤلاته، يبحث له عن وسائل أخرى، تسكن هواجسه ومخاوفه، كما يلجأ المريض أحياناً إلى المسكّنات يسكِّن بها آلامه، هكذا الإنسان منذ بدء الكون، يبحث عن إجابات لأسئلته تسكن خوفه وهواجسه، فعندما لا يجد إجابات شافية، كان يطلق العنان لخياله يصنع له من البيئة والكون الذي يسكنه (آلهة) يعبدها لتوفر له الحماية ويشعر بالأمان في حماها!!.

تلك القضية الأزلية مع الخوف عادت مع هجمة وباء كورونا، لكن ليس للبحث عن إله؛ فالله الواحد الأحد الفرد الصمد يؤمن به الثقلان، هذه المرة الأسئلة مختلفة ومنطقية لكنها تبحث عن إجابات غير منطقية بعضها ربما حدسية وبعضها الآخر تنجيم لا أكثر.

هو هذا الخوف الذي يُلجئ البعض إلى المنجمين لمعرفة طالعه!، كان الأمر يحدث خفية، من أبسط الأشياء كقراءة الكف أو الفنجان، أو ضرب الودع، والبلورة المشهورة، حتى الوصول إلى الظهور العلني في الفضائيات، لسرد الأحداث المستقبلية أو كشف مستقبل المتصلين عن طريق أبراجهم وتاريخ ميلادهم.

ربما ندعي أننا لا نهفو لمعرفة الطالع! نخفي لهفتنا، ونبعد شبهة التصديق عنا كلما أمعنا في ترديد عبارة: «كذب المنجمون ولو صدفوا»، «صدفوا»، بالفاء وليس القاف، لأنهم لا يَصْدُقُون ولكن ربما تصادف تنبؤاتهم حقيقة!.. العبارة صححها لي الدكتور حسام عقل، عندما أوردتها في روايتي «ممرات الريح»، لكن أعادوها «صدقوا « خلال التصحيح اللغوي، للأسف لم أكتشفها إلا بعد الطباعة!.

معظمنا يردد العبارة السابقة، بالخطأ الشائع، وهم يتسابقون لقلب فنجان القهوة، وربما يتوسلون لمن يقرأ الفنجان، يخبرهم ماذا أفشى له الفنجان وماذا قالت خطوط البن المتشابكة في جداره!.

الآن أصبح البحث عن التنبؤات من خلال اليوتيوب، شائعاً بعد عدد من التنبؤات التي أذيعت على القنوات الفضائية من بعض مشاهير التنبؤات، وخصوصاً من يطلق عليها سيدة التنبؤات، التي تنبأت بفيروس خطير يجتاح الكرة الأرضية، يصيب الملايين، كما تنبأت بأنها ترى أبواب المدارس مغلقة، وأبواب الجامعات، والمطارات متوقفة، وعندما صادف توقعها الأحداث المتتابعة كجزء من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول، ازدادت شهرتها في عالمنا العربي، حتى في مجتمعنا تسمع من يخبرك بانتهاء كورونا في شهر أكتوبر مثلاً، رغم ازدياد الحالات في العالم، فيؤكدون بأن ليلى قالت ذلك! ، ويؤكدون أنها قالت أيضاً ربما في شهر نوفمبر، أو بنهاية ،» 2020م»، السنة الميلادية، التي دخلت على العالم، بقدمها الشمال، وطالعها السيئ، فأصبح الجميع ينتظر نهاية العام وهو ممسك بقلبه خوفا وربما هلعاً من شيء ما!.

أسماء كثيرة لمعت لمنجمين، بعضهم لازال نجماً تلفزيونياً، والبعض الآخر غادر عالمنا منذ عقود، وترك تنبؤاته في كتب اهترأت بفعل القدم، أعادوا لها الحياة بحثاً عن إجابات لما يحدث لهم!

لكن تظل عبارة: «قالت ليلى!» تصافح أذنك، عندما تسأل: من أين علمت بأمر في علم الغيب؟!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store