Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

الإعراض عن الجاهلين

أمل وعمل

A A
لا يُقصد بالجاهلين مَن لايحسنون القراءة أو الكتابة بل يُقصد بالجاهلين هنا السفهاء الذين لا يحكمون العقل أو الفكر أو المنطق في جدالهم أو نقاشهم وإن حملوا أعلى الشهادات العليا، وعلى هذا الأساس فإنه من الصعب أو قد يكون من المستحيل أن تنهي النقاش معهم بشكل سلمي أو متحضر، وبالتالي فإن أفضل ما يمكن القيام به اتجاههم هو تجنبهم والإعراض عنهم وعدم الدخول معهم في مهاترات لا يبنى عليها نتيجة إيجابية أو عمل فيصبح النقاش مضيعة للوقت وزيادة الضغط النفسي.

الإعراض عن هؤلاء الجاهلين يجب أن لا يكون مقاطعة كاملة لهم بل هو إعراض عن المناقشة معهم في المواضيع التي يكون فيها تجاوز من طرفهم مع أهمية إبقاء حبل التواصل ممدوداً والتمسك بمبادئ السماحة والإنصاف والعدل والرحمة وهذا ما أكده العديد من العلماء في كثير من الدول الإسلامية بشأن تجنب مقابلة الإساءة بالإساءة، فذلك قد يغري المسيء بالمزيد من التطاول والتعدي والتجاوز مع أهمية إدانة كل أساليب الإساءة لأتباع الأديان ومن ذلك «الرموز الدينية» لأي دين.

من سلبيات مجاراة هؤلاء الجاهلين أنهم يأخذونك معهم إلى الحضيض، فبمجرد الدخول معهم في حوار فأنت بذلك تعلن ربحهم وخسارتك، لأن في الإعراض عن هؤلاء حماية للعقول السليمة أن تتلوث بذلك الطيش والسفه وأن تصاب بعدوى تلك العاهات من خلال النقاش فالبعض -ومهما تحلى بالصبر والهدوء- فقد لا تسعفه الظروف أن يصمد أمامها وأن يتجاهلها فينزلق إلى تلك المستويات السفلى من المهاترات والرد على الإساءة بمثلها وفي هذه الحالة فإن اللوم على العقلاء سيكون مضاعفاً مقارنة بلوم الجاهلين الذين قد يهملهم الآخرون ولا يأبهون لهم.

يشهد العالم اليوم العديد من التحولات والأزمات فالشعوب وعلى اختلاف أديانها وثقافاتها في أمس الحاجة إلى الحرص على تعميق ثقافة الحوار الحضاري ومبادئ التعايش السلمي والتصدي لكافة أشكال وأنواع الإرهاب والعنف ونبذ الإساءة للغير والحرص على الإعراض عن الجاهلين وخصوصاً المتطرفين في بعض دول العالم الذين يسعون للتطاول على الإسلام والترويج للـ(إسلاموفوبيا).

الإعراض عن الجاهلين يشمل أيضاً أولئك الذين يكيلون بمكيالين فإن كان في مصلحتهم وصفوه بأنه في إطار (حرية التعبير ) وإن كان غير ذلك اعتبروه إرهاباً وتطرفاً، ولعل البيان الصادر مؤخراً من رابطة العالم الإسلامي والذي أدانت فيه أساليب الإساءة لأتباع الأديان يرد على أمثال هؤلاء، فقد أكد البيان المبدأ الحقوقي لـ « حرية التعبير « وضرورة أن يؤطر بالقيم الإنسانية التي تقوم على احترام مشاعر الآخرين وأن حرية الرأي متى خرجت عن تلك القيم فإنها تسيء للمعنى الأخلاقي للحريات كما تسيء إلى مقاصد التشريعات الدستورية والقانونية التي أكدت على ضمان حرية إبداء الرأي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store