Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الشاعر علي النحوي.. المقدّمةُ مكانُهُ من كلِّ شيء

الشاعر علي النحوي..  المقدّمةُ مكانُهُ من كلِّ شيء

لا أعرف في أيِّ شكل من أشكال الحنين يمكن لي استعادة الطفولة الغائرة تحت ركام الأيام.. تلك الطفولة التي نسجت خيوط علاقتي الأولى بالصديق العزيز الشاعر المبدع (علي النحوي)..

A A
لا أعرف في أيِّ شكل من أشكال الحنين يمكن لي استعادة الطفولة الغائرة تحت ركام الأيام.. تلك الطفولة التي نسجت خيوط علاقتي الأولى بالصديق العزيز الشاعر المبدع (علي النحوي).. هل يجب أن أقسِّم الفؤاد على مقام الوجد كي استدرج الأيام الأوائل على أصداء موسيقى الشوق وألقي عليها القبض؟! لا أعرف، ولكنَّني بالتأكيد أعرف أنّ علاقتنا تلك ما انفكَّت منذ ذلك الوقت تواصل النسيج حتى اكتمل قميصُها الذهبيُّ طويل الأكمام، فنحن أبناءُ قرية واحدة وزقاقٍ واحد ولعبٍ واحد وفرحٍ واحد وحزنٍ واحد وعبثٍ واحد وسؤالٍ واحد وسعالٍ واحد. ولكن لماذا أتحدَّث عن الطفولة وأوقظ الخيالات القديمة النائمة في مخابئ الذاكرة، ثمَّ أبعثرها على أرصفة الورق؟؟ لماذا أتحدَّث عن الخاص الحميم الذي يربطني بالصديق (علي النحوي)، بينما (علي) أصبح هذه الأيامَ حلمًا وطنيًا مُؤَمَّمًا يخفق في كلّ القلوب المسكونة بالشعر وهو يطلُّ على عشَّاقه إطلالةَ ربيعيَّةً مبدعة من شاشة برنامج (أمير الشعراء) في الموسم الرابع من هذه المسابقة. لم يستطع شاعرٌ سعوديّ في المواسم الثلاثة السابقة من الظفر باللقب، فقد كنت أنا شخصيًا على بُعد خطوتين منه، وكان صديقي الشاعر الجميل (محمد إبراهيم يعقوب) قابَ خطوة واحدة، إلا أنَّ الأمر سيكون مختلفًا في هذا الموسم بإذن الله.. فالشاعر (علي النحوي) قادمٌ وملؤه التصميم على أن يكون اللقب سعوديا، والشاعر (علي النحوي) -كما عرفتُهُ- لا يكون في مكانه الحقيقيّ ما لم يكن في المقدّمة من كلّ شيء. وإذا جاز لي أن أستعير جزءًا من مقولة غوته حول شاعر الكلاسيكية الألمانية فريدريش شيللر (هو شاعر حتى في تقليم أظافره).. إذا جاز لي استعارة ذلك، فسوف أزعم أن (علي النحوي) شاعر حتَّى في أحاديثه العامة فحيثما ينطق يُضيف إلى وطن الكلمات جملةً من التضاريس المسكونة بالمجاز والبلاغة.عرفتُ الشاعر (علي النحوي) منذ أن وطئت قدماه أرض اللغة الوحشية وسافر في حقول ألغامها الخطرة، ولم ألمحه يومًا ما حائرًا بين الخارطة والبوصلة.. بل على العكس تماما، كان دائما صيَّاد الضوء في أنفاق الحياة التي تفضي إلى المجاهيل المسكونة بمتاهاتها. هو كائنٌ حيٌّ/حيٌّ بكلّ ما تعني الحياة من معنى وليس فقط على الصعيد المادي البيولوجي، كما هي حقيقةُ الكثير منَّا. في كلِّ مرة ألتقيه أتذكر مقولة ذلك الفيلسوف اليوناني (أنت لا تذهب إلى ذات النهر مرتين)، وهذه المقولة تتجسَّد في الشاعر (علي النحوي) بامتياز، خصوصا على صعيد التقدّم في تحوُّلاته الفكرية حيث نهر أفكاره يجري دائما عبر مصافي الثفاقة فلا يكفّ عن التجدُّد البديع والاستصفاء النقيّ والتدفّق الجريء والاندفاع الواثق نحو الأمام دون التفاتة إلى الخلف، فهو مقيم على فوَّهة اللحظة التي لا ترهن نفسها إلا لنفسها. أمَّا على صعيد الوعي، فإنَّ الشاعر (علي النحوي) يتمتَّع بحواسٍّ يقظة جدا لرؤية الجمال في العالم من حوله، إضافة إلى نظرة ثاقبة وقدرة باذخة على قراءة هذا الجمال والتعبير عنه فهو لا ينطق عن خيال بقدر ما ينطق عن حقيقة في كلّ كتاباته.مرَّةً أخرى أدَّعي بثقةٍ تامَّة أنَّ الشاعر (علي النحوي) لا يكون في مكانه الحقيقيّ ما لم يكن في المقدّمة من كلّ شيء.. وهذه هي القاعدة التي نشأ عليها منذ مقاعد الدراسة الأولى حتَّى إطلالته الآسرة هذه الأيام على مقعد برنامج أمير الشعراء للمنافسة على اللقب، وليس لمجرَّد الحضور العابر. لقد أمسكَ في سماء هذه المسابقة بـهلال البداية وهو في طريقه إلى شمس الخاتمة حيث التتويج بتاج الإمارة الذي يليق بجبينه وجبين الوطن. ولكن حتَّى يكون ذلك، هو يحتاج منَّا إلى مساندته عبر التصويت له كلما اقتضت الحاجة للتصويت، ودعمه معنويًا بما يرفع همَّته لمواصلة المسيرة، والسعي معه على الطريق خطوةً خطوةً حتى الصعود على منصَّة التتويج.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store