Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

النيل من الإسلام في مصادفات الإعلام!

A A
هل تعدُّد عمليَّات العنف الديني والعرقي والتشهير بمرتكبيها من المسلمين مصادفة؟، وهل وصم الإسلام بدعواته إلى العنف وقتل غير المسلمين من المغرضين الحاقدين، وبثِّه المتواصل من وسائل إعلام عالميَّة وعلى نطاق واسع مصادفة أيضًا؟ بعض تلك الأحداث المؤسفة التَّى صوِّرت بصوت وصورة وقت وقوعها، هل كان ناقلوها تلفزيونيًّا وصحافيًّا وإذاعيًّا هناك مصادفة، أم على علم وموعد مسبقين لتسجيل الوقائع حيَّة، وتسابق حشد المحلِّلين الإخباريِّين الذين يقدَّمون خبراءَ في مكافحة العنف والإرهاب، ليُدلوا بدلائهم في نشر الحقد والكراهية ضدَّ المسلمين من أتباع السيِّد المسيح عليه السلام... متناسين أنَّ ما بين الإسلام والنصرانيَّة من روابط إيمانيَّة هو فوق الشبهات تصديقًا لقوله تعالى في القرآن الكريم مخاطبًا رسولنا عليه الصلاة والسلام: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾. أمصادفة أيضًا أن تتمَّ أعمال العنف والقتل، والمسلمون في أنحاء العالم كافَّة يحيون ذكرى مولد رسولهم الكريم عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله رحمة للعالمين على تعدُّد أعراقهم ودياناتهم!، أو ليس لافتًا للنظر تقديم وسائل الإعلام العالمية القتلة من المسلمين، لتلصق بالإسلام وبالمسلمين تهم الحضِّ على الإرهاب والعنف!، وأن الضحيَّة من قومهم، وقد عُرف عنه الاستقامة والإيمان بحريَّة الرأي والمعتقد، وتكفل له القوانين حريَّة الرأي والتعبيرعن أفكاره، غير مدركين أو متجاهلين بأنَّ الإسلام ونبيَّنا الكريم عليه الصلاة والسلام سبق الجميع إلى دعوة قَبول الآخر إيمانًا بالله وملائكته وكتبه ورسله دون تفريق بين أحد من أنبياء الله ورسله وبالتالي أتباعهم!، وأن الرجوع إلى التاريخ القديم والمعاصر خير دليل على تعايش المسلمين مع غيرهم من أتباع الديانات المتعدِّدة المنتشرة في بقاع المعمورة كافَّة التزامًا بقوله تعالى في محكم التنزيل: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.

بفضل هذا القبول والتسامح، تبوَّأ المسلمون مقعدهم كثاني أكبر الديانات السماويَّة في العالم بعد الديانة المسيحيَّة. فقد وصل عددهم وفق آخر إحصاء عام 2020 نحو مليار وتسع مئة مليون مسلم في العالم. والعدد بازدياد، ولله الحمد بدخول العديد من عقلاء العالم الإسلام طواعية، بعد قراءاتهم للقرآن الكريم، وما فصِّل فيه عن نشأة الخلق بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾

هذا التفصيل، نزل به الوحي على رسولنا الكريم قبل ألف وأربعمائة سنة، وقد عرفه العلماء حديثًا. والقصص القرآني عن أنبياء الله ورسله، وعن السيِّدة مريم والسِّيد المسيح عليهما السلام، وهو ما لا تجده واردًا في كتب رجال كهنوتهم ورواياتهم.

لذا تلك ليست مصادفة، فهناك رعيل يعمل على تمزيق نسيج التعايش بين معتنقي الديانات لتبقى يدهم المغلولة مسيطرة على تسيير أمور العالم، والتحكُّم بمقدراته وثرواته.

مع ذلك، وإنصافًا لسواهم الذين يجاهرون بإنسانيَّتهم، ويؤمنون بأنَّ حريَّة التعبير لا ولن تكون وسيلة لإظهار الحقد والضغينة على الآخرين المستضعفين في مجتمعات قد يتَّخذ المغرضون فيها حريَّة التعبير وسيلة للنيل منهم. ويحضرني في هذا المجال ما صرَّح به وزير الخارجيَّة الفلنديَّة مؤخَّرًا تعقيبًا على الحملات الإعلاميَّة للنيل من الإسلام: لم أعد أفهم شيئًا: عندما نسخر من السود، نسمِّي ذلك عنصريَّة. وعندما نسخر من اليهود، نسمِّي ذلك معاداة الساميَّة. وعندما نسخر من النساء، نسمِّي ذلك تحيُّزًا جنسيَّا. لكن عندما نسخر من المسلمين، نسمَّي ذلك حرَّيَّة تعبير!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store