Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

برجر الذهب!!

A A
طالعني نبأ ذات صباح عن مطعمٍ في منطقة جازان يُقدِّمُ بُرْجراً من الذهب، هكذا سمّاه، ويبيعه للزبائن بسعر «٥٠٠» ريال للبُرجر الواحد، فما قصّة هذا البُرجر؟ وهل حقيقةً يدخل الذهب ضمن مُكوِّناته التي تؤكل ليستحقّ سعره الفلكي العائم في الفضاء؟.

إنّه فقط «ساندويش» عادي من الخُبْز الأبيض، ومحشورٌ فيه لحم مفروم ومشوي قد يكون مُستورداً ورخيصاً، ولا يتجاوز وزن اللحم ٥٠ جراماً، إضافةً إلى شريحة من الجُبْنة الصفراء، وبضع حلقات من البصل والخيار المُخلّل، وكتْشَب الطماطم، أمّا الذهب ـ إن كان هناك ذهب ـ فهو موجود في ورق تغليف «الساندويش» الذي يُشبه ورق قصدير الألومنيوم، والمطعم يُؤكّد أنّ الذهب خالص وعيار ٢٤!.

وهكذا فإنّ تسميته ببُرجر الذهب خاطئة، والذهب أصلاً لا يمكن أكله حتّى من الأسد ذي الأنياب الحادّة والمعدة الفولاذية، فما بالكم بالإنسان ذي الأسنان التي كانت لبنية، ومعدته لا تقدر على هضم الذهب الذي لا يصدأ ولا يتحلّل!.

لكن ليس هذا بيت القصيد، بل قصيده هو أنّ هذا من الإسراف المنهيّ عنه في ديننا الحنيف، وتغليف الأكْل ـ أيّ أكْل ـ بورق ذهبي هو مثل تقديمه في آنية من ذهب، وقد أفتى الشيخ بن باز يرحمه الله بحُرْمة الأكْل في آنية الذهب أو الفضّة، وأنّه تشبّه بالكُفّار الذين كانوا يتمتّعون بذلك في دنياهم، ولا يليق التشبّه بهم مهما اغتنى الإنسان، وهو يدعو إلى التفاخر المكروه والخيلاء البغيضة وكسْر قلوب الفقراء، ومن رحمة الله أن حرّم ذلك على الناس لمصلحة الفقراء الذين يتأذّون منه، ويتعاظم شعورهم بالنقص والحرمان!.

وأنا بالطبع ألوم المطعم الذي طلع علينا بمثل هذه البدعة التجارية غير المقبولة، وألوم الجهات البلدية والتجارية التي لم تتدخّل لمنع هذه التُرّهات، لكنّ الطرف الذي ألومه أكثر هو الزبون الذي يقبل دفْع ٥٠٠ ريال لبُرْجر واحد من الذهب في وقتٍ يستطيع فيه شراء ٢٠ بُرْجراً غير ذهبي على الأقل بنفس القيمة، يأكل واحداً ويتصدّق بـ «تسعطعشرٍ» ، ويا أماننا ممّا يفعل هؤلاء ولا يخشون عواقبه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store