Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

حوادث مسمارية!!

A A
لن أنسى طيلة حياتي ذلك العامل الذي كان يعمل في أحد مواقع المشروعات بالشعيبة على ساحل البحر الأحمر قبل عقديْن من الزمان، ولم يكترث بإجراءات السلامة، خصوصاً ارتداء الحذاء الواقي، فاقتحم إحدى قدميه مسمارٌ كبيرٌ ممّا تُثبَّتُ به القوالب الخشبية قبل صبّها بالخرسانة المُسلّحة، وكان المسمار مُلوّثاً بما يلتصق بالأرض من جراثيم ومواد كيماوية هي سموم فيما لو تمكّنت من دخول الجسم، وكانت المُحصّلة المأساوية هي إصابة قدمه بالغرغرينا، ولم تنفع معه المضادّات الحيوية المتكرّرة، ولا المراهم، ولا غيار الجرح النازف شبه اليومي، ولا أيّ علاج آخر، حتّى اضطرّ الأطبّاء لبتر قدمه حفاظاً على حياته وباقي جسمه!.

لن أنسى ذلك، ولا أنسى بالأمس وأنا أسوق سيّارتي كيف أضاء تحذير في شاشتها عن حصول خلل في أحد إطاراتها، فتوجّهْتُ على الفور لمحلّ «البنشر» للفحص، وفاجأني العامل اليمني بإخراج مسمار لا يقلّ طوله عن ٥ سنتيمترات من الإطار، سمين مثل بطّوط، وحادّ مثل السكّين، ممّا تمتلئ به الشوارع، مِنْ مخلّفات الإنشاء والورش والمحلّات المهنية، ويُلقيها العُمّال في الشوارع بلا اكتراث، وهي خطر على السيّارات، وأخطر على الإنسان، ولكم أن تتخيّلوا إنساناً بريئاً يمشي في الشوارع مرتدياً تلك الأحذية القماشية أو الجلدية الليّنة ثمّ يدوس أحد هذه المسامير التي لا تجد صعوبة في اختراق الإطارات الصلبة فما بالكم بالقماش والجلود؟ وما بالكم لو كان هذا الإنسان مُسِنّاً أو مريضاً بداء السكّر الذي لا تلتئم معه الجروح إلّا بصعوبة؟، أليس هذه جناية قد اُقْتُرِفَت بحقّه؟، وأليس من يُلقي بالمسامير هو جانٍ مذنب حتّى لو لم يتعمّد أذيّة الآخرين؟!.

والسلامة هي أولاً، Safety is first ، فأين نحن من تطبيق هذا الشعار الإنساني العظيم؟، سواءً على صعيد الأفراد الشخصي، أو على صعيد الجهات المعنية بإبقاء الشوارع سليمة من الأخطار، مثل البلديات وغيرها.

إنّ مسماراً واحداً قد يقتل إنساناً، أو يعيقه، أو يُحيل بقيّة حياته لمأساة حقيقية، وهو ما يستلزم عملاً جماعياً كبيراً لوقاية شوارعنا من الأخطار ولو بالقوة، سواء كانت حوادث مرورية أو حوادث مسمارية تفتك بالسيّارات والإنسان على حدٍّ سواء!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store