Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

التستر التجاري بنكهة أمريكية!!

A A
كان في أمريكا تستّر تجاري، وهو يختلف عن التستّر الذي يوجد لدينا لأنّه مُورِسَ من مواطنين أمريكيين مع مواطنين أمريكيين آخرين وليس مع أجانب يقيمون في أمريكا، وحصل هذا في سبعينيات القرن الماضي وما قبلها، إذ كان المواطن الأمريكي الأسود ممنوعاً من الاتّجار بالعقار والاستثمار في البنوك بسبب العنصرية التي غشت على المجتمع الأمريكي آنذاك كما غشى الليلُ النهار!.

وهناك قصّة حقيقية حصلت لاثنيْن من المواطنين السُود في ولاية تكساس التي ينتمي إليها آل بوش الأب والابن، ومُثِّلت في فيلم سينمائي حديث اسمه «The Banker»، وقد مارس المواطنان الاتّجار بالعقار والاستثمار في البنوك باسم مواطن أبيض كواجهة، وأصبحا يشتريان العقار الرخيص ويُرممّانه ثمّ يبيعانه أو يؤجّرانه للبيض أو للسود بدون أيّ تفرقة، ثمّ يُعطيان للمواطن الأبيض نسبته المُتّفَق عليها، وصارا من الأغنياء في زمنٍ وجيز، ولم يُفتضح أمرهما إلّا بعد أن اشتريا عدّة بنوك ترفض التعامل مع السُود، وأيضاً باسم المواطن الأبيض، كنوع من التحدّي وإثبات الذات والانتقام منها، لكنّ بعض موظّفي البنوك اكتشفوا التستّر فوشوا بالثلاثة لوزارة الخزانة والمباحث الأمريكية FBI ، ليؤول مصير الاثنيْن إلى السجن ومصادرة جميع أملاكهما والإفلاس التام، أمّا المواطن الأبيض وبسبب لونه فقد جاملته المحكمة ونجا من القضية التي ناقشها الكونجرس الأمريكي بعد ذلك وشرّع حقّ السُود في ممارسة كلّ أشكال التجارة والاستثمار!.

وبالنسبة لي فهذا ليس بتستّر، بل هو حقّ لأيّ مواطن في بلده، وما كان ينبغي معاقبة المواطنيْن، ولو كانت العقوبة واجبة فالمواطن الأبيض يستحقّها أكثر منهما لأنّه الطرف المُتستِّر لا المُتستَّر عليه، ومن الجيّد أن أنهاه المُشرِّع الأمريكي، وأنقذ السُود من عنصرية مقيتة في جزء مهم من أنشطة الحياة هو التجارة، بينما يظلّ تستّر بعض المواطنين لدينا على الأجانب هو المخالف لقانون الوطن، ويضرّ بالاقتصاد الوطني بسبب خروج أموال كثيرة على أيدي الأجانب للخارج وعدم استفادته منه، وتخلّق المواطنين بالكسل والقناعة بفُتات المال، وأنا أقدّر جهود الجهات المعنية بمكافحة التستّر، لكن نحتاج لجهود أكبر، مثلما تفعل هيئة مكافحة الفساد مع الفاسدين، وابتكارها لطرق غير تقليدية في كشفهم، ولو أجريْنا مقارنة بين التستّر والفساد لوجدناهما بنفس درجة الإضرار بالوطن، ويا أمان تجارتنا من كلّ تستّر، وليتنا نقضي عليه تماماً فهو طامّة اقتصادية كُبْرى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store