Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

مازال في الذاكرة!!

بانوراما

A A
من أهم الدروس التي استفدت منها أثناء فترة دراستي بجامعة وسط ويلز في بداية الألفية الثانية، تقدير العلم والعلماء والصدق والشفافية في التعامل.. فقد كان المجتمع الجامعي يعيش نوعًا من الاحترام والتقدير بين منسوبيه.. عندما جئت لمشرفتي في الدكتوراة منتشيًا (منفوخ بلغة أهل مكة)، بعد أن تلقيت خبر موافقة أحد المجلات العلمية على نشر بحث علمي لي في أحد أعدادها.. بدأت بتهنئتي وأكملت حديثها قائلةً: «لم أكن أرغب في نشره في هذه المجلة بالرغم من أنها مجلة ذات موثوقية ولها سمعة جيدة بين المجلات العلمية».

للأمانة لم أدرك ما كانت ترمي إليه من ذلك التعليق، فأردفت قائلةً: «إن رئيس تحرير هذه المجلة أحد طلابي قلت لها ما الضير في ذلك؟ قالت: أخشى أن يقال إن بحثك تم قبول نشره بسبب أن رئيس تحرير المجلة كان من طلابي، مع علمي الأكيد أن البحث جدير بالنشر.. وأذكر أنه عند تسليم رسالتي انتظارًا للمناقشة كانت تردد أمامي، قائلةً: إنك أكثر شخص معرفةً بما أنجزته في بحثك هذا فلا تجزع! وزادت قائلة: تذكر أن الآلاف قبلك حصلوا على الدرجة ومثلهم في المستقبل وما قمت به شخصيًا فقط إرشادك ونصحك بما أملكه من خبرة عبر أكثر من 40 عامًا من العمل الأكاديمي».

كنت ولله الحمد على علاقة محترمة مع مجتمع الجامعة، بدءًا من عميد الكلية ومرورًا برئيس القسم وانتهاء بعامل النظافة العم جونز كما كنت أناديه لكبر سنه.. أذكر أن غرفتي تقع بالدور الخامس في كلية العلوم وكنت في بعض الأيام أعمل إلى وقت متأخر من الليل، وكان العم جونز يعمل في المساء لخلو المبنى من الطلاب، فتراه يزورني غير مرة للتأكد أني لا أحتاج شيئًا.. وأختم بالتالي: كنت من هواة كرة القدم ومشارك مع فريق الكلية وكنا نلتقي في الصالة الرياضية العاشرة من صباح كل يوم اثنين، وكنت أفضل لاعب في الفريق الذي يتكون من بعض أساتذة الكلية ومن قسم صيانة الأجهزة هذا جعل مني محبوب الكلية لدرجة أنه في زمن اجتياح الكويت من قبل العراق كنت أعاني من مضايقات بعض الإخوة العرب بسبب وقوف المملكة العادل مع شقيقتها الكويت، لدرجة أنهم كانوا يضايقوني وأنا أكتب رسالتي في قاعة كتابة الرسائل في الكلية، فما كان من أحد زملائي في الفريق والذي كان مسؤولاً عن صيانة الأجهزة بعد أن لاحظ ما يقوم به بعض الإخوة العرب وللأسف من مضايقات أن أعطاني مفتاح غرفته المزودة بأحدث الأجهزة وقال لي: أبو (-أبو- هو الاسم الحركي الذي كنت معروفًا به عند أصدقائي الإنجليز في الجامعة) استعمل مكتبي حتي تنهي كتابة رسالتك.. ما أردت من قول كل هذا هو أن الإنسان بالتعامل الحسن فقط وليس غيره يمكن أن يمتلك قلوب الآخرين.. قال تعالى في سورة آل عمران الآية 159: «وَلَو كُنتَ فَّظَّا غَليِظَ القَلْبِ لانْفَضُوا مِنْ حَوْلِك».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store