Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

أصنام تافهة... لنهدم المعبد!

ضمير متكلم

A A
* ذاتَ مساء، وبجوار (كَافيه) جَلَستُ في فِنَائه الخارجي، لَفَتَ نظري تَجَمُّعَاً حَاشِدَاً لِشَباب من الجِنْسِين، أشَارت أحاديثهم التي وصلتني إلى أنهم بانتظار حضور (شخصية مهمة)، وبَعْد ساعة تقريباً تَعَالَت الأصوات ومعها التصفيق والزغَارِيْد، وعَمّت الفوضى؛ حيث (تَكَأكَأَ ذلك الجـَمْعُ) على إحدى السيارات الفاخرة، لكن مَن هـبَط منها سَارَع بالدخول إلى أحَد المحلات الجديدة، ليبقى فيه لمدة «10 دقائق تقريباً»، بعدها غادر مستعجلاً، هَاربَاً مِن الهَـرولَة نَحوه، وبعْدَه ابتهج مَن حَظِي معه بصورة، ومِنْه بلَمسَةٍ، وكانت الآهَاتُ الحَرّى، نصيبَ المحُرُومَ مِن ذلك!!

* (اَفْرَنْقَعَ أولئك الشباب)، وتبعَـثَـر ذلك «الزِّحَام» الذي حَجَب عني الرؤية؛ فَلم أَتَبَيّن هوية «ذلك القَادم المعشوق»؛ فذهبتُ إلى «المتجر» سائلاً عنه، لأَعْرفَ أنها (مشهورة في السْنَاب شَات، والتّوكْ تُوك)؛ ولأنِّي لا أمتلك إلا حساباً في «تويتر»، اسْتَعنتُ بـ(السِّيد قُوقل)؛ لأعرفَ المزيد؛ فَصَدمني أنّ مؤهلاتها لا تتجاوز (رَقَصَات بمَلابِس ضيقة أو قصيرة، تُبْرزُ أكثرَ بكثير مما تَسْتَر، مع شيءٍ من الغَنَج والدَّلع)، لِيُتَابِعها (مِئَات الألوف)،» رشحوها لِتكون «مُوديل، وفتاة إعلانات»، وزائرة مع أشباهها -كما كَشَـفت فيديوهاتها في الـ»يوتيوب»- لبعض الفَعَالِيات والمُخَيّمَات، يستقبلها الرّجَال طَوال الشُّوَارِب بالعود والبخور، وفناجيل القهوة!!

* وهنا «العَرب» في جاهليتهم قبل الإسلام كانوا يصنعون مِن «التَّمْر» ما يزعمون أنهم آلِهَة، ولكنهم إذا جاعوا أكلوها، فإنهم في جاهليتهم الحديثة، انحدروا إلى ما هو أسوأ، فهم لا يأكلون من موائد حسابات (معظم مشـاهـير مواقع التواصل)، الذين يساهمون في صناعتهم بالمتابعة والتعليق واللّهَاث خلفهم، ولا يجدون منهم إلا عناء المطاردة، والمحتوى الفارغ، والبذيء أحياناً؛ بينما (أولئك وحدهم) يَفُوزن بِنَعِيم الثّراء والرفاهية!!

* أخيراً (المجتمعات العربية بعامة) هي المساهم الأكبر في خلْق ذلك الواقع البائس والمؤلم، الذي يتصدر فيه (أوْلئِك الـ....)؛ فعليها أن لا تَلْعَن الظلام، عقب أيّ سقوط أخلاقي من تلك الفئة؛ فهي قادرة وبكل سهولة على أن تَهْدِمَ المَعْبدَ عليهم، وأن تُغْـرِقَ (سَفِيْنَتهم)، إذا تَخَـلّت عن متابعتهم، وهَجرت الاهتمام بهم، وبأخبارهم؛ خاصة إذا أدركت أنّ حضارات الأُمَم إنما يبنيها العلماء والمخترعون والمثقفون.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store