Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

كورونا وأخبار الزمان!!

A A
«حتّى إذا تساوى الرقمان (٢٠=٢٠)، وتفشّى مرض الزمان، ومُنِعَ الحجيج، واختفى الضجيج، واجتاح الجراد، وتعِب العباد، ومات ملك الروم من مرضه الزؤوم، وخاف الأخ من أخيه، وكسدت الأسواق، وارتفعت الأثمان، فارتقبوا شهر مارس، زلزال يهدّ الأساس، ويموت ثلث الناس، ويشيب الطفل منه الرأس»!.

هذه هي نبوءة نهاية العالم التي لفّقها البعض ضمن النسخة الإلكترونية من كتاب «أخبار الزمان» للمؤرّخ الكبير أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الذي تُوفّي سنة ٣٤٦ هـ، وتداولها النّاس في وسائل التواصل الاجتماعي، ويصدّقها بعضهم بكثيرٍ من الهلع والترقّب، بسذاجة متناهية وجهل مُدْقِع وفرار من العلم ولجوء إلى عالم الخيال!.

وقد زعم المُلفِّقُون أنّ المؤرّخ تنبّأ بها عن فيروس كورونا، وكم هو بريء هذا المؤرّخ، فما ألّفه هو عجائب البُلْدان والغامر بالماء والعمران، ولا صلة له من قريب أو بعيد بفيروس كورونا، ولا بنهاية العالم وزلزاله المُدمِّر، ويبدو أنّ العالم يعجّ بنوعية من الناس ذات شخصية نرجسية الخيال، لا تهدأ إلّا بإسقاط الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله على حوادث العصر، ويجدون من يصدّقهم للأسف الشديد!.

ومن نبوءتهم يمكن دحضهم وكشفهم، فالرقمان ٢٠ و٢٠ تتابعا ولم يتساويا لأنّ تاريخ تفشّي الفيروس هو العام العشرون بعد العام ٢٠٠٠، والحجيج لم يُمنعوا عن الحجّ بل قُلِّل عددُهم تجنّباً لتفشّي الفيروس، وضجيج الحياة لم يختفِ بل زاد، وموجات اجتياح الجراد مستمرّة منذ آلاف السنين في بعض المواسم، والعباد قد تعبوا من أشياء أخرى أكثر ممّا تعبوا من الفيروس، وليس هناك ملك للروم بل هناك رؤساء لهم وصحّة أكثرهم مثل «البُمْب»، بل أنّ بعضهم أصيب بالفيروس وخرج منه كما تخرّج الشعرة من العجين، والإخوة يخافون تارة ويأمنون تارةً أخرى، والأسواق تكسد وتنتعش، والأثمان ترتفع وتنخفض، هذا هو ديدنها منذ قديم الزمان، وشهر مارس يُعرف في العصور القديمة بشهر «آذار» أكثر ممّا يُعرف بشهر «مارس»، والزلازل ظواهر طبيعية تحصل بإذن الله منذ خلق الله الأرض وما عليها، والناس كلّهم سيموتون وليس ثلثهم لكن عندما يحين أجلهم، ومشيب شعر الطفل قد يحصل من غذائه العصري السيىء كالوجبات السريعة والتسالي، إلخ إلخ إلخ!.

دعونا يا ناس ننبذ الإشاعات، ولو كانت هناك نبوءات صادقة فسيُجلّيها الله لوقتها، ونهاية العالم لا يعلم وقتها ولا كيفيتها سوى عالم الغيب والشهادة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store