Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

في وداع 2020...!

A A
يوم واحد، يفصلنا عن العام الميلادي الجديد، لا أعرف لماذا ننتظر قدومه بفارغ الصبر، وكأن العام الذي نودعه خالف نظامه الكوني والفيزيائي، فالعام سواء كان حسابه هجرياً أو ميلادياً، هو زمن، والزمن يعني تقدم الأحداث بشكل مستمر وإلى أجل غير مسمى؛ فالزمن أمر نحس به، أو نقيسه، أو نقوم به، وهو يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها إلى مكاسبنا وخسائرنا، أو منجزاتنا ومشاعرنا التي تراوحت بين السعادة والتعاسة، الفرح أو الترح!.

كل تلك المشاعر والأحاسيس، والأحداث المختلفة التي تحدث خلال العام، ربما هي التي تحدد مشاعرنا تجاهه!.. بعضنا يحيل إلى العام كل ما حصده خلال الزمن المحدود الذي يمثله العام؛ المنجزات التي أنجزها، أو النجاحات التي حققها، تجير للعام بأنه عام سعد مثلاً، وعلى النقيض من ذلك، ينسب للعام كل فقد، كل تعاسة وشقاء، المرض الألم، كما يحدث لنا الآن ونحن نكيل التهم لعام 2020م، رغم أن التاريخ يخبرنا بأن في سجله أعواماً كانت أكثر سوءاً وأشد فتكاً بالبشرية من عامنا هذا، الذي نحسب الأيام والساعات والثواني لتوديعه، وداع ضيف ثقيل حلّ بديارنا، ولم يأتِ بخير، بل جاء يجر خلفه أطناناً من الكوارث والأزمات على المستوى العام والخاص، على مستوى الدول والشعوب، على مستوى الأفراد والجماعات، أو أننا بحاجة إلى أطنان من «القُلل» جمع « قُلّة»، -حسب الثقافة الشعبية المصرية - لنكسرها خلف العام بدلا ًمن إطفاء الأنوار والأحضان التي يستقبل بها العالم المسيحي عامه الجديد!

ربما يمثل فايروس كورونا، أو كوفيد-19، كارثة الكوارث أي هي وجه نحس العام، التي جلبت ما نعاني منه حتى الآن من الخوف والقلق، بعد أن عاثت في الأرض فساداً، بينما لا يزال 2020، مستطيب الإقامة لا يرغب في الرحيل، رغم أن إقامته ورحيله لهما نظام كوني ليس بمقدوره العبث به!.

«الزمن هو البعد الفيزيائي الرابع للمكان، مرتبط بنظرية النسبية الخاصة والتي تعمم مبدأ النسبية لغاليليو والذي ينص على نسبية الحركة المنتظمة وعلى عدم وجود حالة سكون مطلق واضح»، مع أني لا أفقه شيئاً في الفيزياء لكن أحببت أن أستشهد بمقولة علمية لإثبات أن عام 2020 لم يغير سرعة حركته، لكن إحساسنا بثقله ناتج عن -ربما- عدم حركتنا نحن البشر، كما كنا في حركة دائبة بين عمل وسفر، لقاءات ومناسبات، أفراح وأتراح، كنا لا نتهيب من حضورها، والخروج والحركة بين الآخرين بأمان واطمئنان، والسفر، مجرد الإحساس بأن لديك حرية السفر أفسدها الوباء، هو هذا الذي جعلنا نشعر أن هذا العام مكث كثيراً جداً وكأنه لن يرحل، رغم عدم معرفتنا ما هي نوايا العام القادم 2021، وماذا يحمل لنا وماذا يخبئ في أرديته، لكنه الأمل، الذي يحرضنا على انتظار الغد كل ليلة بشوق!.

الإحساس بعام 2020 إحساس شيء ثقيل جثم على صدر العالم، لكنه أجبر العالم على التوحد في قراراته رغم التباعد بين البشر، إلا أن القرارات بخصوص الإجراءات لمواجهة الوباء والحد من انتشاره كانت تقريباً باتفاق، اتفق العالم في هذه الأزمة في كثير من القرارات والإجراءات، ربما هذه حسنة تنسب للعام 2020 أو لكورونا لا فرق طالما أنهما كالتوأم قدما معاً ونتمنى رحيلهما معاً، لا أن يرحل العام ويترك خلفه الوباء يتطور ويتحور ويفسد آمال العام القادم.

لكن مازال الأمل في قلوب البشر هو الذي يمد بصره بعيداً باتجاه المستقبل، يحرض فضوله على استنطاقه، وماذا يجر خلفه من أحداث، سواء على المستوى الخاص أو العام، هي هذه بذرة الأمل، أو على رأي الشاعر أبو إسماعيل الطغراني

أعلل النفس بالآمال أرقبها... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store