Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

معنى نظام الأسرة ومقاصده في مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا (3)

A A
أواصل الحديث عن تحديد معدي مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا مجالات عمل المرأة في نطاق مهني محدد باسم الإسلام، مع أنّ تاريخ الدولة الإسلامية في مختلف عصورها بيّن لنا مساهمات وإنجازات المرأة المسلمة في البناء السياسي والحضاري والاجتماعي للدولة الإسلامية في مختلف المجالات والمعارف والعلوم، ولهذا فإنّ استشهادهم بآية (وقرنَ في بيوتكن) بعد انتزاعها من سياقها ليس في محله، فالخطاب في الآية لأمهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ، وليس لنساء المؤمنين، يوضح هذا سياق الآية ذاتها: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب:32]، ويؤكدها الآيتان السابقتان لها (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا* وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [الأحزاب: 30-31]

فسياق الآيات يوضح أنّ القرار في البيت خاص بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، وقد قالها جل شأنه: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ).

فبأي حق يُعمَّم مؤلفو تلك الكتب الأمر الإلهي لأمهات المؤمنين بقرار البيت على جميع نساء الإسلام؟

ثالثًا: الزواج في المرحلة الجامعية

جاء في أحد كتب نظام الأسرة في الإسلام المقررة في مادة الثقافة الإسلامية في إحدى جامعاتنا عن الدعوة للزواج في المرحلة الجامعية، والسؤال الآن من أين يُنفق الزوج على أسرته ويُلبي طلباتها، وهو لا يزال طالبًا ووالده يُنفق عليه؟، وإن كان بعض الآباء ميسوري الحال، وتولوا الإنفاق على أولادهم وعلى أسرهم مع توفير السكن لهم فهؤلاء قلة قليلة، فإن تمّ مثل هذا الزواج، فقد يترّتب عليه الآتي:

1. هذا الزواج بلا شك سيكون على حساب دراسة الزوجيْن، ولا سيما الزوجة، فقد يُجبرها الزوج على ترك الدراسة، خاصة وأنّ هذا المنهج يُعطيه حق منعها من مواصلة دراستها باسم الدين، وهو يواصل دراسته، وقد يكمل دراساته العليا، وعندئذ يجد مستواها الفكري والعلمي والثقافي لا يتناسب مع ما بلغه من مكانة علمية، فيبحث عن زوجة أخرى، وأمّا هي فقد يطلقها، فلا تجد مأوى لها وما يعيشها، وإن عملت فلن تجد إلّا وظيفة متدنية إن وجدت لأنّ مؤهلها متوسط.

2. الزواج في سن مبكرة لا تتوفر له إمكانية استمراره، فقد تتغير نظرة كل من الزوجيْن إلى الآخر بعد بلوغهما سن النضوج، ويجد استحالة الاستمرار معه، هذا إن استمرّت حياتهما الزوجية حتى بلوغهما سن النضج، فهذا الزواج سيزيد من نسبة الطلاق، وإن أنجبا أطفالاً فسيكونون ضحية هذا الزواج.

والسن الأنسب للزواج هو سن 25 سنة ، وهو السن الذي تزوّج فيه قدوتنا خير الأنام الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 12].

والذي أراه أن تستحدث الجامعات برامج تستثمر طاقات طلبتها وطالباتها، في أنشطة رياضية وثقافية وفنية تنمي مواهبهم خلالها، وتكسبهم خبرات ومهارات تساعدهم في حياتهم العملية، بدلاً من تزويجهم، وهم غير مؤهلين نفسيًا وماديًا لتحمّل مسؤوليات وأعباء هذا الزواج.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store