Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

الفرق بين العظيم والصغير!

A A
القائد يتعلم الناس من أقواله وأفعاله، ويؤثر على أتباعه، ومما يزين سمعته: حسن معاملته للآخرين وقضاء حوائجهم، ويترتب على ذلك بناء صورة إيجابية عنه، يقول أحد الحكماء: «أحسن إلى الناس تكن أميرهم».. وهناك حكمة تقول: «It is nice to be important, but the most important is to be nice».. ومعناها: من اللطف أن تكون مهماً ولكن الأهم أن تكون لطيفاً.

ونقابل في الحياة شخصيات مرموقة ويكونوا غاية في اللطف، ونتساءل: هل لطفهم هو السر في الوصول لهذا العلو؟ أم أن اللطف كان من سجاياهم؟.. والقصص وسيلة لنقل المعرفة والتعلم من التجارب، وسأقص عليكم بعض القصص التي تترجم عنوان مقالي.

* القصة الأولى: سمعتها من الأمير خالد الفيصل عن تواضع الملك فيصل -رحمه الله- مع الناس، وكان إذا استقبل أحداً بمكتبه وجلس أمامه يحدثه في «موضوعه» كان الملك فيصل بفراسته يعرف مصداقية من أمامه، وكان أحياناً إذا أحس بأن الشخص مرتبك من هيبته، فإنه ينظر إلى أسفل ويبدأ باظهار نفسه وكأنه يلتقط بعض الوبر من على «بشته» لكي يخفف عنه التوتر ويكون مصغٍ له حتى ينتهي.

وفي أحد المرات رأيت حلم الأمير خالد وسعة صدره في تحمل تصرفات أحد المراجعين، وبعد فترة تكرر موقف مشابه فقلت له: أغبطك يا سمو الأمير على حلمك وتحملك للناس، فقال: «اللي ما يتحمل الناس يجلس في بيته». ومغزى كلامه: أن الوظيفة العامة لخدمة الناس وقضاء حاجاتهم، ومن لا يمتلك هذه المهارة فليجلس في بيته.

* القصة الثانية: سمعتها من السائق الخاص للأمير تركي الفيصل -عندما كان رئيساً للاستخبارات العامة سابقاً- حيث قال لي: كنت أقود سيارة سموه متجهين لمطار الرياض للحاق بالطائرة التي خفنا من تأخرنا عليها بسبب بطء حركة السير، فتجاوزت السرعة القانونية، واستوقفتنا دورية مرورية فوقفت، فوجهني الأمير قائلاً: «لا تجادل، ولا تعرف بمن معك، خذ المخالفة وادفعها».

إن بعض المسئولين في بعض الدول يظنون أن العظمة تكون في اختراق القوانين والتطاول على الناس، ولكن سموه رغم أهمية منصبه لم يلفت الأنظار إليه، ولم يكن يسير في موكب محاط بالحرس وسيارات الأمن، وإنما كان بسيارته الخاصة وامتثل سائقه لرجل المرور، وبهذا كان قدوة حسنة في احترام النظام والتواضع.

* القصة الثالثة: المغرور يكمل نقصه بالاستعلاء، والانتفاخ والتطاول، وارتداء بعض الاكسسوارات الشاذة.. تذكرت أحد الموظفين بعد أن تمت ترقيته لوظيفة أعلى، كان يضع نظارة سوداء على عينيه في الليل وفي النهار، ويمشي مثل الضبع، ويركب سيارة فاخرة.. كان يتوهم أن النظارة السوداء تعطيه جاهاً وجمالاً وهيبةً، ولكن سلوكياته المتغطرسة، ومواقفه السيئة مع الموظفين زادت من التندر عليه.

وفي أحد الاجتماعات مر عليه محضر توقيع الحاضرين فلاحظ خطأ بسيط في اسمه فزمجر وغضب أمام المجتمعين وكأن من كتب ذلك أرتكب جرماً عظيماً... وليته يتعلم التواضع من نصيحة لقمان، ويعلم أن الكبار يعرفون بأفعالهم الرجولية وشتان ما بين العقل والعقال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store