Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد الظفيري

احترقت سيارتي وما زلتُ بخير

A A
ظروف الحياة، طلب الرزق، وخدمة الوطن في مكانٍ مناسب تدفعني للعمل بعيداً عن قريتي، سعيد جداً بعملي، كل أسبوع أقطع مسافة طويلة ذهاباً وإياباً بين القرية والمدينة، اعتدت الطريق، وحفظت كل ما هو على جوانبه، الأحجار والكثبان والمرتفعات وحُفر الإسفلت وأماكن ساهر أصبحت راسخة في ذاكرتي، وقطعان الإبل التي تسرح بجانب الطريق في استهتار لا نعلم متى سيتوقف!.

ساعات السفر أقضيها بالاستماع لكتاب صوتي، أستفيد من هذا الوقت الطويل، وأحاول أن أُجدد المعرفة في داخلي..

لكن للغُربة ضريبة، تدفع ثمنها من روحك، السفر بسيارة متهالكة مغامرة، في المرة الأولى حادث، ثم مكينة، ثم تستبدل السيارة ويقع حادث، ثم حادث آخر، ثم تحترق السيارة، هذه الحوادث المتتالية دفعت البعض لمحاولة إقناعي بأن ما يحدث بؤس يستحق أن أحزن بسببه!!.

ولكنني كنت دائماً عكس توقعاتهم، بعد كل حادث أحمد الله كثيراً على نِعَمٍ أملكها يتمناها الآخرون، أحمد الله على دعوات أمي التي ترافقني في كل مكان، أحمد الله الذي غيّر الحال وردَّ كيد الكائدين ووفقني لطريقٍ وجدت فيه كل الخير..

هل ستنتهي الحياة عند وقوع حادث؟!..

هل ستتوقف الرحلة مع أول محطة فيها تعثر؟!..

هل سيكون كل ما منحني الله عز وجل من نِعَمْ مُرتبطاً بحادث؟!.

طبعاً لا..

لماذا أكتب الآن عن هذه الحوادث؟!

لكي يعرف الجميع أن ما نواجهه في هذه الحياة، هو قدر الله الذي يختبرنا به، ويجب أن يكون الرد منّا هو الصبر والحمد والدعاء، يجب أن لا ننهار وننسى كل ما نملك من خير وكل ما منحنا الله من فضل..


احترقت سيارتي وما زلتُ بخير، حصل لي أكثر من حادث وما زلتُ بخير، ما زلتُ قادراً على أن أُقدم لديني ووطني ونفسي الكثير..

ما زال هناك غد، وهناك فرصة للتقدم للأمام..

أخيراً..

أمي بعد كل حادث تقول لي: (الحديد يفدى هلُه) وأنا أبتسم مع كمية الأمل التي تزرعها أمي في قلبي، نحنُ بخير وما نواجه في الحياة سيبقى شيئاً عابراً سيزول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store