Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

هياط: امسك لي واقطع لك!

ضمير متكلم

A A
* شاركتُ في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية خارج المملكة، وفيها يتَكَفَّلُ الباحثون بـ(قيمة تذاكر سَفَرهِم، وتنقلاتهم، وفنادق إقامتهم)، بل وعليهم أن يدفعوا للجهة المنظمة مبالغ لاستضافتها للمؤتمر، ولِقِيَام لِجانِها العلمية بمراجعة الأبحاث وتحكيمها؛ ولذا لا يحضر تلك المؤتمرات إلا الجَادّون الذين مِيْزتهم التّنَوع، وعُمق وثَراء أطروحاتهم.

* أمّا (عندنا)، فمعظم الجهات الحكومية القائمة على المؤتمرات أو النّدوات، (لا سيما الجَامعات) تُعلِنُ وتُرَدِّد: (نَحْنُ نهتم بكُلّ شيء وندفع ثَمَنَه، فـ»يَا هَـلا بالجميع مِـن مَمْشَاكُم إلى مَلْفَاكُم»، فتذاكِركُم درجة أولى أو رجال أعمال مع رسوم تعديلها، وإقامتكم في فنادق خمس نجوم، وتنقلاتكم في سيارات فارهة، وقد نُـضِيف لذلك هـدايا فاخرة)!!

* كلّ تلك المزايا والعَطايا تمنح المساحة لـ(الواسطة والمحسوبية) في اختيار الباحثين؛ حيت تَتكّرّر الأسماء، وأحياناً تأتي أَبَحاثٌ أقَـلّ وَصْفٍ لها أنها مِـن «المتردّية والنّطِيَحَة وما أكَلَ السَّبع»؛ أما الاختراع الجديد لمعظم منظمي تلك الفعاليات فما يُسمّى بـ(الضيوف المشاركين)، وهؤلاء يُدعَوْن بذريعة إضافتهم للفعالية بحضورهم واستماعهم ومناقشاتهم وتعليقاتهم على كلّ ما يُطرح!

* بينما الحقيقية أنهم فقط إنما جاؤوا لِتَلميع المؤسسة المنظمة وقائدها الجَائع جداً وأبداً لـ»شُو الإعلامي»، وكذا للمُجَاملة التّبَادُلِيّة؛ وفق «نظرية اِمْسَكْ لِي واقْطَعْ لك»؛ وبالتالي فشريحة كبيرة من أولئك السِّمّيْعَة المُفْتَرضين يكتفون بـ(مهمة التَلْمِيع)، فهم لا يرون من المؤتمر أو النّدوة إلا حفل الافتتاح، بينما يقضُون بقية أيام وليالي الاستضافة في زياراتهم الخاصة نهاراً، والتّسَكُّع في جنبات الفنادق ليلاً!

* صدقوني هذه حَال أغلب المؤتمرات والندوات العلمية، وتلك صورة واقعية لما يدور فيها؛ ويؤكد على ذلك ويشهد له عناوينها وموضوعاتها المكرورة، وتوصياتها النظرية الباهتة التي تبقى حبيسة الملفات والحاسِبَات، والتي في المجمل لا تقدم ما يخدم المجتمع، ولا تساهم معه في أزماته؛ ولعل أقرب الأمثلة، ما يتعلق بـ»أبحاث لِقاحات كورونا كوفيد 19»؛ فبينما توصلت لها مراكز علمية وجامعات كـ»أكسفورد»، بقيت جامعاتنا في محطة (هِيَاطها الذي أطلقته إعلامياً رمضان الماضي)!

* أخيراً من عناوين الرؤية الطموحة للمملكة 2030م ترشيد المصروفات، وتنويع مصادر الدخل؛ ولذا فهذه دعوة لإيقاف الهدر المالي على مؤتمرات وندوات لا تقدم أية إضافة علمية، والتركيز على تلك التي مُخرجاتها صادقة وفاعلة في خدمة المجتمعات الإنسانية؛ والتي يمكن أن تساهم في تعزيز اقتصادنا، مع الإفادة من تجارب التنظيم عن بُعْد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store