Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصّتي مع الحلاقة في زمن كورونا!!

A A
مُذُّ حلّ فيروس كورونا ضيفاً ثقيلاً وغيرَ مرغوبٍ فيه على كوكب الأرض، لم أزر حلّاقاً في صالونه الوثير، حتّى بعد السماح بعودة صوالين الحلاقة للعمل وانتهاء حظْرِها الأليم!.

وكُنْتُ طيلة هذه الفترة أحلق شعر رأسي بنفسي، مُستخدِماً ماكينة حلاقة ابْتَعْتُها عن طريق الإنترنت، وأنا حلّاق «غشيم» بكلّ ما تعنيه الكلمة من «غشامة»، خصوصاً للمنطقة الخلفية من شعر رأسي، إذ حلقتها بدون انتظام، فأصبح بعضُ الشعر طويلاً وبعضه قصيراً، وكأنّني عامل حديقة أقصّ العُشْب بماكينة قد اعْوَجَّت أسنان قصّها، كيف يبدو العُشْب؟ مثل شعر رأسي!! والحمد لله الذي لم يجعلني حلّاقاً للناس أتعرّض لتوبيخاتهم كلّما حلقْتُ لهم، والحمد لله مرّة ثانية على أن رزقنا -نحن معشر السعوديين- الشماغ لتغطية رؤوسنا عند الخروج، فلا تنكشف عيوب الحلاقة إلّا لأهلنا وخواصّنا من النّاس!.

وبعد يومين من أخْذي للجرعة الأولى من لقاح كورونا هرعْتُ لأقرب صالون بفرحٍ شديد، مُمَنِّياً نفسي بالتخلّص من شعر رأسي الطويل بالتي هي أجمل وأحسن، والحمد لله مرّة ثالثة على درجة التوعية الموجودة في الصوالين، فحلّاقُوها يلبسون الكمّامة القُماشية ومن فوقها الكمّامة البلاستيكية، ولا يشترطون على الزبون أن يخلع كمّامته، ويُعقّمون كُرسي الحلاقة وما يُحيط به بعد كلّ استعمال، بل إنّ بعض الصوالين تُدْخِل زبوناً واحداً فقط لمكان الحلاقة، وينتظر الزبائن الآخرون في مكانٍ آخر أو في سيّاراتهم خارج الصوالين بانتظار أدوارهم، وهذه تفاصيل صغيرة لكنّها مهمّة ومُقدّرة ومشكورة لمكافحة انتقال الفيروس وتفشّيه.

وكم هي نعمة لا تُعرفُ قيمتُها إلّا بعد أن تُفقد لفترة من الزمن، ألّا وهي نعمة حلاقة الشعر التي قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تطويله إنّ الأصل في حكمه هو الجواز، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد فعله، لكنّه يخضع لطبيعة الناس والأعراف السائدة بينهم في الأزمان الأخرى، ومردّ إطالة الشعر ليست عائدة في حُكْمِها إلى السُنّة والتعبّد، بل إلى العُرْف والعادة، والتصرّف في الإطالة هو حسب الجبلّة، وليس في التطويل ثواب، كما ليس في الحلاقة عقاب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store