Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الصدقة من وجهة نظر اللصوص!!

A A
جانبني الصواب عندما ظننْتُ بأنّ مهنة لصوصية الأحذية عند أبواب المساجد قد شارفت على الانقراض، وأنّ لصوصها الظريفين باتوا يُدْرِكون بشاعتها في العموم، وبشاعتها عند المساجد في الخصوص، لحُرْمة المساجد باعتبارها بيوت الله عزّ وجلّ على أرضه!.

والنّاس قد أُمِرُوا أصلاً في القرآن الكريم بألّا يسألوا في المساجد أحداً غير الله، والسؤال هنا قد يعني التسوّل من بعضهم البعض، أو حتّى سؤالهم عن ضائعةٍ ما، فما بالكم بسرقة الأحذية من أبواب المساجد؟ لقد ساءت سلوكاً وعاقبة!.

وبالأمس خرج جاري من المسجد قبلي بدقائق، فرأى شخصاً وافداً يحاول ارتداء حذائي الذي يعرفه بحُكْم جيرتنا الطويلة وذهابنا سوياً إلى المساجد وإيابنا منها، فنهره ونهاه عن ذلك، ووعظه موعظةً بليغة، وكان هذا خلال لحظة خروجي من المسجد لأراهما سوياً واللصّ يقول له: فليعتبر الحذاء صدقةً عنه -ويعنيني أنا بالطبع-، ثمّ جلس في فناء المسجد بهدوء وكأنّ شيئاً لم يحصل، ليُخبرني جاري بتفاصيل القصّة التي اعتبرتها غريبة بسبب وجهة نظر اللص عن تبرير سرقة الأحذية!.

وهي وجهة نظر خطيرة، وتبرير شنيع، وأتمنّى ألّا يشيعا بين اللصوص الآخرين، فيسرقوا المال العام ويُبرّروا ذلك بأنّه صدقة عن الدولة، أو يسرقوا بنكاً ويُبرّروه بأنّه صدقة عن البنك، وهكذا صارت الصدقة شمّاعة لارتكاب السرقات، ويا لها من مصيبة!.

أنا لم أفعل شيئاً لهذا اللص، بل أحسنْتُ إليه، وأهديته ١٠ ريالات لعلّه يخجل ويتوب إلى الله، وهو قد قبلها بسرعة، وربّما كان محتاجاً؟ لا أعلم، لكن هناك من الظواهر السلبية والسرقات التي تُمارس بالقُرب من المساجد وفيها، وتسترعي الانتباه، وتستلزم دراستها بتمعّن، ومعالجتها بحكمة وتؤدة، وليت خطباء الجمعة يوفونها حقّها من التوعية، فهي وإن كانت من الجنايات الصغيرة لكنّها كبيرة بسبب اقترافها في بيوت الله التي جعلها للعابدين والتائبين والرُكّع السجود!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store