Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الصحف الورقية وناكرو المعروف!!

A A
الحقيقة التي لا بُدّ من الإشارة إليها تصريحاً وليس تلميحاً، هي أنّ هناك عدداً من الصحفيين العاملين في الصحف الورقية والكُتّاب المتعاونين معها قد أنكروا معروفها تماماً، كما أنكرت أمُّ عامرٍ -وهي الضبع- معروف الأعرابي الذي دخلت لخبائه مستجيرةً ممّن أرادوا قتلها، فمنعهم عنها وأمَّنَها، وقدّم لها الماء والحليب مانحاً إيّاها فرصة للحياة، ثمّ نام، فإذا بها تَثِبُ عليه وهو نائم وتبقر بطنه وتشرب دمه، لتكون قصّته معها محور شِعْر ابن عمّه الذي أنشد قائلاً:

ومنْ يَصْنع المعروفَ معَ غيرِ أهْلِهِ..

يُلاقي كما لاقى مُجيرُ أمِّ عامرٍ!.

فقُلْ لذوي المعروفِ هذا جزاءُ من..

يجُودُ بمعروفٍ على غير شاكرٍ!.

وهؤلاء الصحفيين والكُتّاب قد أنكروا معروف الصحف الورقية الذي دام عليهم لفترة طويلة، وكانوا يطلبون رضاها كما يطلب الابن البار رضا أمّه، وصارت لهم شهرة كبيرة بفضلها، سواء بالمناصب أو بأعمدة الكتابة، وبعضهم كوّن ثروة مالية بسببها، ثمّ وما أدراك ما ثمّ؟ لقد «طاحت» الصحف الورقية بعد طُغْيان وسائل التواصل الإلكترونية عليها، فإذا بهم ينقلبون ضدّها ويشمتون بها، ويزعمون أنّهم نصحوها لكن لا حياة لمن تُنادي، ووصل ببعضهم الأمر بأن وصفوا طلبها الدعم المالي من الدولة بأنّه تسوّل، وفي هذه الجزئية أختلف معهم ١٨٠ درجة، فالدولة هي أمّ الجميع سواءً في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص الذي تنتمي له مؤسّسات الصحف الورقية، ودعم الدولة فيما لو حصل لا تنتقصه ناقصة ولا تشوبه شائبة، لا سيّما وأنّ الصحف الورقية كانت خير متعاون مع الجهات الحكومية، ولها حتّى الآن مُستحقّات بالملايين على الجهات مقابل الإعلانات الحكومية والمناقصات اليومية، ولم تُحَصِّلها حتّى تاريخه، ولو حصّلتها لربّما أنهت ضائقتها المادية، والصحف الورقية ذات مصداقية، ورائدة الدفاع الإعلامي عن الوطن، ولها مواقف مُشرِّفة، فيا جماعة، يا صحفيين وكُتّاب: هلمّ لكلمة سواء، وقليلاً من الإنصاف، فإن لم تدعموا الصحف الورقية في زمن انكسارها، وهي التي غمرتكم بجميلها، فعلى الأقل لا تكونوا مثل أمّ عامر، واذكروا محاسنها الكثيرة وقولوا خيراً عنها، أو لا مؤاخذة وبدون إحراج، وبالعربي كده: اصمتوا!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store