ورغم أن هذه الثقافة كان يتوقع أن يتعامل معها طبقة المتعلمين تعليمًا عاليًا أو متوسطًا إلا أن المجتمع السعودي أثبت أنه قادر على التفاعل السريع مع ثقافة الخدمات الإلكترونية حيث أتقنها غالبية المجتمع من الأطفال في سن السادسة أو أقل إلى الشيوخ في سن الثمانين من عمرهم، ويعود الفضل إلى سرعة تقبل المجتمع السعودي لثقافة الأون لاين والخدمات الإلكترونية إلى البنية التحتية التي وضعتها الحكومة وأنفقت عليها البلايين والتي سهلت تقديم الخدمات الإلكترونية، ورغم أن التحول كان سريعًا ومفاجئًا إلا أن الأجهزة الحكومية كانت أسرع في تقديم الخدمة وكان المجتمع متفاعلاً وحريصًا على مواكبة التغيير السريع، وأجزم بأن هذا التحول في ثقافة الأون لاين سوف لن يكون مؤقتًا ومرتبطًا فقط بالأزمة الوبائية بل ستصبح الخدمات الإلكترونية هي السائدة ولن يقبل التعامل غير إلكترونيًا، وأتوقع أن تتحول خمسين في المائة من تجارة التجزئة إلى تجارة إلكترونية وستزداد النسبة سنويًا وستنخفض عدد المراكز التجارية من الأسواق وستنتعش أسواق التجارة الإلكترونية، وسوف تفرض التجارة الإلكترونية خفضًا للأسعار وسيكون في صالح المستهلك.
ومع التوجه نحو نقل المملكة لتكون مركزًا إقليميًا ودوليًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووضعها في قطار المنافسة الدولية من خلال رؤيتها الطموحة (2030) تعتبر المملكة أكبر دولة من حيث عدد مستخدمي شبكة الإنترنت حيث يحصل 100% من السكان على اتصال بشبكة الجيلين الثاني والثالث و88% منهم حاصلون على اتصال بشبكة الجيل الرابع، ويبلغ حجم سوق تقنية المعلومات في المملكة حوالى 45 مليار ريال وتحتل المملكة المركز الرابع عالميًا في الجيل الخامس، وهي أكبر سوق لتقنية المعلومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب موقعها الإستراتيجي بين البحر الأحمر والخليج العربي مما يمكنها من الوصول إلى خطوط الاتصالات الدولية، وتعمل المملكة على استخدام أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا وتقنية المعلومات في المشاريع الكبيرة مثل مدينة نيوم ومشروع البحر الأحمر ومشروع القدية ومدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) وغيرها.
كاتب اقتصادي سعودي