Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

لا تحكموا عليهم (بالفشل)..!

صدى الميدان

A A
* استأنف أبناؤنا الطلاب فصلهم الدراسي الثاني، وكل منهم كما له قدراته، له آماله وأحلامه، ومما لاشك فيه أن كل أسرة تضع في أبنائها تلك التطلعات الكبيرة، التي ترجو أن تتحقق من خلالهم، في وقت يجب عدم إغفال حقيقة أن الفروق الفردية تظهر جلية بين الإخوة، كما هي بين الطلاب عامة، حيث إن كل طالب كيان قائم بذاته، يُظلم كثير منهم عندما يتم وضعهم من قبل أسرهم في قالب: (نريدك أن تصبح كما فلان) حتى مع كونهم لا يملكون أدوات أن يكونوا كذلك.

* لاشك في أنها آمال، وتطلعات يرجوها الآباء من أبنائهم، وضرب الأمثلة بالقدوات الناجحة محفز رائع لا يمكن بحال أن يُصادر تأثيره، إلا أن من المهم ألا يتحول ذلك إلى عامل (ضغط) يقود إلى الإخفاق، وهنا يجب أن يدرك الآباء أن من غير المناسب أن يُطالب الابن بتحقيق ما لا يملك أدواته، وما يفوق قدراته، لأن الإصرار على ذلك سيؤدي إلى خسارته لمستقبله، فلا هو كان كما فلان، ولا هو كان كما يريد.

* وحتى لا نُغرق في تلك النظريات التربوية، أثق أن مقاعد الدراسة أبقت في ذهن كل منا نماذج، وأمثلة كانت تعيش ذات المعضلة، فانتهى بهم الأمر إلى إخفاق ليس لأنهم كذلك، ولكن لأنه تم الفرض عليهم بما يفوق قدراتهم أو حتى مع كونهم يملكون تلك القدرات إلا أنهم أخفقوا؛ لأنهم يفتقدون الميول إلى ذلك، وهنا يجب أن يعرف الآباء قدرات أبنائهم، ويتم من خلال ذلك التعامل معهم فيما يتعلق ببناء مستقبلهم، فليس من المعقول أن يكون الجميع معلمين أو أطباء أو مهندسين أو حتى علماء، حيث إن الحياة كعطاء مبنية على المشاركة، والتكامل.

* وفي هذا تحضرني ثلاثة أمثلة على سبيل المثال لا الحصر، فهذا طالب مبدع في مجال الرسم، ولكنه اصطدم بعائق الإصرار على أن يكون كما تريد أسرته، التي أغفلت ما كان يتمتع به من موهبة، والنتيجة أن قضى سنوات من عمره يحاول دون فائدة، بعد كل ذلك كان لخطوة اتجاهه إلى (معهد التربية الفنية) إعلان عن ميلاد رسام أستاذ في مجاله وضع بصمة أنامله الذهبية في صالة أحد مطارات المملكة.

* أما المثال الثاني: فهو ذلك الطالب المتعثر دراسياً، الذي بالكاد تخرج من المرحلة الابتدائية مصحوباً بكل دواعي نظرات الإحباط، وأنه لا فائدة منه، ولكن كل تلك النظرات التشاؤمية تحولت إلى (مباركة)، والأخبار تأتي حاملة بشارة حصوله على الأول على دفعته في معهد التدريب المهني.

* وثالث الأمثلة: طالب ضاقت عليه فرص القبول الجامعي، فلم يجد والده إلا أن يلحق بتسجيله في دبلوم مدفوع؛ لينتهي به الأمر مبتعثاً، ليعود إلى أرض الوطن مصحوباً بالميم جدارة واستحقاقاً وتميزًا، إلى غير ذلك من الأمثلة، التي تؤكد أيها الآباء على أن من المهم ألا تحكموا على أبنائكم بالفشل؛ لأنهم لم ينجحوا في مادة أو تعثروا في قبول أو دراسة، وتأكدوا أن كلا منهم لديه من القدرات ما قد يجعله مثالا (نجاحاً)، فقط امنحوهم في ظل اهتمامكم، وعنايتكم بهم فرصة أن يكونوا كما يريدون، فلا تصادروا عليهم ذلك الحق تحت ضغط: أن يكونوا كما فلان، وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store