Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

خطر الفكر الإخواني بين هيئة الأمر بالمعروف ومناهجنا الدراسية! (3)

A A
بيّنتُ في الحلقة الماضية ضعف حديث «من عادى وليًا، فراويه خالد بن مَخلد القطواني صدوق يَهم ويُخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا يُقبل ما انفرد به. وقد تفرد بحديث الولي، وحديث الولي فيه تهمة تأييد مذهب الغلاة في الاتحاد والحلول. هذا ما انتهى إليه الدكتور خالد الحايك (دكتوراة في علم الحديث) من بحثه الطويل في تخريج هذا الحديث. وفي سنده أيضًا، شَريك بن عبد الله بن أبي نمر، وحاصل كلام علماء الجرح والتعديل فيه أنّه: صدوق يخطئ. وذكر الحافظ في «فتح الباري» الطرق الأخرى للحديث عامتها ضعاف.

ومع هذا نجده قد قُرِّر ضمن منهج الحديث للمرحلة الثانوية، ومنهج نظام الأسرة أحد مناهج الثقافة الإسلامية في إحدى جامعاتنا!.

هذا وضع الحديث من حيث الإسناد، فماذا عن المتن؟

أولًا: أنّه يدعو إلى الحلولية والاتحاد، وهو يمثل عقيدة الإثنى عشرية الخُمينية في ولاية الفقيه، أو «الفقيه المتألِّه»، وولاية الفقيه لدى الخمُيْنيين والحاكمية لدى الإخوان وجهان لعملة واحدة، وقد كشف عنها المحامي الأستاذ ثروت الخرباوي (المُنشّق عن الإخوان عام 2002م) عن منشأ (الفقيه الولي) عند الخُميْنيين، وعلاقة ذلك بالإخوان والخُمينيين، فذكر أنّ الخميني عندما سطّر بنفسه كتاب الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه اقتبسها من كتاب مُنظِّر الإخوان سيد قطب «معالم في الطريق» والذي يتحدث فيه عن الحاكمية، وعن أنّ العالم الإسلامي لا يطبق الإسلام، مضيفًا أنّه وبعد قيام الثورة الإيرانية في يناير 1979 تم ترجمة كتاب «معالم في الطريق» إلى الفارسية، ووُزِّع مجانًا على أفراد الحرس الثوري الإيراني وعلى طلبة المدارس، كما كتب علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية مقدمة كتاب «المستقبل لهذا الدين» لسيد قطب أيضًا، وقال خامنئي في المقدمة إنّ هذا الكتاب وضع أسسًا هامة لكي نستطيع من خلال تلك الأسس تأسيس الدولة الإسلامية، وأن نعرف أنّ المستقبل لهذا الدين».

ثانيًا: فكرة أنّ العبد إن تطهر بالمجاهدة الروحية، ونقّى سرائره بالرياضة، اتصل بالله واتحد به، هو ما يقوله غلاة الصوفية، وهذا لا يختلف عن هذا النص الوارد في إحدى صفحات هذا المنهج الذي نُسب قوله إلى الخالق جل شأنه: «من كان من أولياء الله وفقه الله لفعل الخير ورعاه وحفظ جوارحه من الوقوع في المعاصي، ويستدل دعاة الحلول والاتحاد بما جاء في الحديث أنّه قوله تعالى (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)، فهذا الوصف يجعل من سُمُّوا «بأولياء الله» معصومين عصمة الأنبياء، بل أوصلهم إلى مرتبة الألوهية، وهذا ما ذهب إليه الغلاة من الصوفية والشيعة، والتي انبثقت منها عقيدة الملالي التي ابتدعها الخميني (الولي الإله)، وقام عليها الحكم الخميني في إيران، فمن أقواله: «وبالإمامة يكتمل الدين والتبليغ يتم» [كتاب كشف الأسرار: ص 154]، ويصف أئمتهم بقوله: «لا يتصور فيهم السهو والغفلة» [الحكومات الإسلامية: ص 91].

والسؤال الذي يطرح نفسه:

ما الذي سيُدرّس لأولادنا وبناتنا إن كان من مدرسي ومدرسات هذا المقرر من الإخوان، أو من حملة الفكر الإخواني؟

ألا يوجد في السُّنّة أحاديث تحث على الالتزام بالدين، والتمسك به إلّا حديثي غربة الإسلام، و»من عادى وليًا» اللذيْن ثبت ضعفهما، ويوظفان لترويج الفكر الإخواني القائم على تكفير المجتمعات والحكّام والحكومات، والحاكمية وإقامة ما تُسمى بدولة الخلافة؟

وإذا كان واضعو مناهج الحديث من الأساتذة المتخصصين في علم الحديث يُقررون أحاديث ضعيفة؟ ولا مبرر لهم الأخذ بأحاديث ضعيفة وموضوعة إن كانت تحث على صالح الأعمال، وقد رد على هؤلاء الإمام عبد الرحمن المعلمي اليماني في كتاب «رفع الاشتباه»: والأمر الثالث الذي يستند إليه كثير من الناس هو الاحتجاج بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، «وكذلك بالآثار المكذوبة عن السلف، أو التي لم تصح، ويحتج بعضهم بالضعيف مع اعترافهم بضعفه قائلين بأنّ فضائل الأعمال يُتسامح فيها، مغفلين أنّ الفضائل إنّما تتلقى من الشارع فإثباتها بالحديث الضعيف اختراع عبادة، وشرعٌ في الدين لما لم يأذن به الله. فقد جاء بعد ذلك أقوام يتغالون في مدح أنفسهم واطرائها حتى أنّ بعضهم ليفضل نفسه على الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، ومنهم من يتجاوز ذلك فيزعم أنّه رب العالمين، أو أنّ رب العالمين لا يقدر على مخالفته!، ونحو ذلك مما يسمونه الشطح، ويعدونه من علامات الولاية. [الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني (1312- 1362هـ)، تحقيق عثمان بن معلم محمود بن شيخ علي، رفع الاشتباه عن العبادة والإله، ص 293، المجلد الأول، ط1، عام 1434هـ، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، مكة المكرّمة.]

في الختام أرجو من معالي وزير التعليم أن يعيد تشكيل لجان المناهج الدراسية للمواد الدينية والمواد الاجتماعية، وإعادة تقرير مناهج هذه المواد طبقًا لصحيح الإسلام وتاريخه، وليس طبقًا للفكر الإخواني الذي يناقض صحيح الإسلام، ورؤية المملكة 2030، حتى لا تتناقض بعض مناهجنا الحالية مع هذه الرؤية لا سيما فيما يتعلق بالمرأة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store