Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إدمان وسائل التواصل يقود الحوار الأسري إلى الانعاش

إدمان وسائل التواصل يقود الحوار الأسري إلى الانعاش

في ظل تفاقم ظاهرة «الجدران العازلة»

A A
على الرغم من أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في النمو الذهني والنفسي للابناء، إلا أن إدمانها في الفترة الأخيرة أدى إلى دخول الحوار الأسري غرف الانعاش بعد شكاوى مستمرة لسنوات من وجود ما يسمى ظاهرة «الجدران العازلة» داخل الأسر نتيجة انشغال أولياء الأمورعن متابعة أبنائهم مما يجعلهم لقمة سائغة لأصدقاء السوء وأصحاب التوجهات الخاطئة. وإذا كانت المبالغة في استخدام الأجهزة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي تولد بعض السلوكيات والمشكلات لدى الأطفال فإن الخطأ ذاته يقع فيه أولياء الأمور المشغولين هم أيضًا أغلب الوقت بالانكفاء على أجهزتهم الذكية ومنصات التواصل بدلًا من أن يجلسوا إلى أبنائهم ويستمعون إلى همومهم، وحتى وإن كانوا مع أبنائهم فإن ذلك الحضور يكون بالجسد فقط، فلا يعرفون شيئًا عن حياتهم ولا يبنون معهم جسورًا من التواصل.

الأحمدي: وسائل التواصل تؤدي للقلق والعزلة وانعدام الحوار

تقول زينب نايف الأحمدي، المستشار المعتمد في التخطيط الإستراتيجي، أن من أهم أدوات استقرار الأسرة، التواصل والحوار، وعلى النقيض من ذلك فإن التواصل الأسري السلبي مفتاح الشقاء الذي يجلب لها الخصام والصدام والجفاء، ثم الضياع والتشرد والانحراف.

وتدعو الأحمدي إلى ضرورة فتح قنوات للحوار داخل الأسرة ومناقشة شؤونها مهما بدت بسيطة، من خلال عقد مجالس أسرية منتظمة يسودها الحوار الحقيقي الذي يعني شرح وجهة نظر كل شخصية أكثر من الحرص على تغيير وجهة نظر الطرف الآخر.

وأشارت إلى أن «إدمان الأجهزة الإلكترونية»، من أهم أعراضه الشعور الدائم بالقلق والتوتر عند فصل أو تعطل الإنترنت، وأن يكون الطفل في حالة ترقب دائم لبرامج ومواقع التواصل المشارك بها، وألا يشعر بالوقت أو بمن هم حوله عند استخدامه لهذه البرامج، وعادة ما يميل ذلك الشخص إلى العزلة وقلة تواصله مع الآخرين مع كثرة المكوث في المنزل، وقلة أو انعدام الأنشطة الرياضية أو الاجتماعية التي يمارسها لانشغاله بالتواصل الإلكتروني.

اما المشكلات الصحية التي يسببها «الإدمان الإلكتروني»، فتتمثل في اضطرابات النوم لعدم حصول الطفل على ساعات نوم كافية وبالتالي يتأثر جهازه المناعي مما يجعله أكثر قابلية للإصابة بالأمراض، كما أن قضاءه ساعات طويلة دون حركة تذكر يؤدي إلى آلام الظهر، وإرهاق العينين، وزيادة الوزن.

وتتمثل المشكلات الأسرية في انعدام الحوار بسبب قضاء أغلب وقته على الأجهزة الإلكترونية، كما يتأثر مستوى الطفل الدراسي بشكل واضح بسبب هذا النوع من الإدمان، ويظهر ذلك جليًّا من خلال إهمال تأدية واجباته المدرسية وعدم التركيز داخل الفصل مما يؤثر على تحصيله العلمي. ويضاف إلى ما سبق المشكلات النفسية، حيث يصبح الطفل ذا مزاج متعكر يميل إلى العصبية والبكاء والصراخ عند تعطل الإنترنت.

طريقة الاستخدام تحدد أضرار وسائل التواصل

أكد فريق من الباحثين في جامعة «بريجام يونج» الأمريكية أن طريقة استخدام وسائل التواصل هي التي تحدد حجم الضرر ونوعه، وليس عدد الساعات.

وتشير الدراسة، التي نشرتها دورية «كمبيوترز إن هيومان بيهافيور، إلى أنه حتى لو زاد الوقت الذي يُمضيه المراهقون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا لن يجعلهم أكثر اكتئابًا، كما أنهم لو قللوا الوقت الذي يُمضونه أمامها، فإن ذلك لن يجعلهم أقل اكتئابًا.

وأوضحت الدراسة أن هناك عوامل أخرى تؤثر على صحة الشخص العقلية، مشيرةً إلى أن «مقدار الوقت الذي يقضيه الفرد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليس مسؤولًا عن الآثار السلبية التي قد تلحق بالصحة العقلية للشخص؛وقالت يمكن لاثنين من المراهقين أن يقضيا القدر نفسه من الوقت في تصفح مواقع «السوشيال ميديا»، ولكن قد يكون لديهما تجارب حياة مختلفة إلى حدٍّ كبير، ما يزيد من احتمالات إصابة أحدهما دون الآخر باضطرابات الصحة العقلية، ما يعني أن الوقت الذي يمضيه الأشخاص أمام الشاشات لا يهم عندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية».

وخلص الباحثون إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون لها تأثيرات سلبية على مستخدميها، لكن مقدار الوقت الذي يقضونه في استخدامها لا يشكل عامل حسم في إصابتهم بأضرار صحية عقلية؛ إذ يتعلق الأمر بطريقة استخدام الأشخاص لتلك الوسائل، وليس مقدار الوقت الذي يقضونه في استخدامها.

تقليص ساعات استخدام الأجهزة الإكترونية يوميًا

وعن الحلول دعت الأحمدي الآباء إلى التعامل بجدية عند ظهور هذه الأعراض من خلال تحديد ساعات معينة يسمح للطفل فيها باستخدام الأجهزة الإلكترونية، وفي حالات الإدمان الشديد يجب تقليص عدد الساعات تدريجيًّا. كما يمكن للآباء اللجوء إلى المختصين والجهات التي تقدم الاستشارات في هذا المجال، ومن بينها مركز بلاغات العنف الأسري على رقمه المجاني (1919)، ووحدة الإرشاد الاجتماعي التابعة لوزارة الموارد البشرية

ومن بين الوسائل المفيدة إشراك الأبناء في المشكلة والحل، بأن يُطلب من الطفل تحديد خمس من أهم المشكلات الناجمة عن إسرافه في استخدام الأجهزة الإلكترونية، وخمس من الفوائد التي ستنتج عند إقلاعه عنها ويقوم بكتابتها في ورقة يضعها في غرفته. ويمكن كذلك إعطاء الطفل زمام المبادرة بأن يترك له اختيار مجموعة من الأنشطة التي يود المشاركة بها سواء مع الأسرة أو أصدقائه بعيدًا عن استخدامه للأجهزة الإلكترونية، وعلى الوالدين بعد ذلك المراقبة والمتابعة المستمرة دون إشعار الطفل بذلك ودون منعه، ومشاركته في أنشطته وألعابه باعتبارها ضرورة لا غنى عنها. ومع أن هذه الخطوات كفيلة بالعلاج التام، إلا أنها لن تكون ذات فاعلية إن لم يُمثل الآباء قدوةً حسنةً لأبنائهم بإلزام أنفسهم بتحديد وقت لاستخدام الأجهزة الإلكترونية ووقت كافٍ للحوار داخل الأسرة.

20 % من حالات الطلاق بسبب فيسبوك

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «فيسبوك» الى أقصر الطرق إلى الطلاق والانفصال بين الزوجين، بحسب دراسة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لمحامي الطلاق، وأخرى نشرتها صحيفة الإندبندنت نقلًا عن جمعية المحامين الإيطالية.

ويأتي موقع «فيسبوك» في صدارة كافة المواقع، إذ يعد المتهم الأول المسؤول عن ارتفاع نسب الطلاق العالمية، وتشير الإحصائيات إلى أن 20 % من حالات الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية سببها المباشر هو «فيسبوك».

وفي المرتبة الثانية يأتي تطبيق «واتساب»، فبحسب جمعية المحامين فإنه تسبب في 40% من حالات الطلاق في إيطاليا، وفي السياق ذاته، ذكر موقع «ديفورس-أون لاين» Divorce on line البريطاني أن «فيسبوك» وحده تسبب في ثلث حالات الطلاق في بريطانيا عام 2011.

الحوار يعزز الاستقرار والتفاهم الأسري

كشفت دراسة أعدتها الدكتورة تهاني منقاش الهاجري، مدرس أصول التربية بجامعة الكويت، تحت عنوان «واقع الحوار الأسري بين الوالدين والأبناء»، أن الحوار الأسري يحقق الاستقرار والتفاهم في الحياة الأسرية، بالإضافة الى انعكاسه الإيجابي على شخصية الأبناء، كما يَنتج أفرادًا ذوي مهارات عالية في التواصل، قادرين على تقبل الآخر وبناء علاقات أفضل؛

ومن خلال الدراسة عرّفت الباحثة مفهوم «الحوار الأسري» بأنه التفاعل بين الوالدين والأبناء من خلال تبادل الأحاديث والآراء والأفكار، عن طريق المناقشة فيما بينهم حول الموضوعات التي تخص الأسرة والمجتمع، بحيث يحقق الألفة والمحبة بين أفرادها، ويساعدهم على الاندماج في مجتمعهم.

وأوصت الدراسة بعمل دورات تدريبية تثقيفية للوالدين لتوعيتهم بأهمية استخدام أسلوب الحوار فى الأسرة، وتفعيل دور شبكات التواصل الاجتماعي، والإعلام بشكل عام، في نشر ثقافة الحوار الأسري في المجتمع،

وأشارت الدراسة إلى أن بعض الآباء، ونتيجة لغياب الوعي والثقافة، قد يملكون الوقت لكن لا يعرفون كيف يكون الحوار مع الأبناء، موضحةً أن حل المشكلة يبدأ من إدراك الآباء بوجود المشكلة أساسًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store