Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة يوسف

الصحف والمراكز البحثية.. من سيموت أولا؟!

A A
قد تبدو مقارنة بين شيئين مختلفين تمامًا، فما هي الصحافة اليوم؟ وماهي أمس؟ وماهي المراكز البحثية أمس واليوم وغدًا؟

منذ أكثر من 10 أعوام تقريبًا والجدل حول موت الصحافة الورقية، فما زال قلبها ينبض مع تعطل بعض وظائفها الإخبارية والتثقيفية بشكلها التقليدي لقلة أو انعدام توزيعها وبالتالي تأثيرها، وبقي الكلام حول مصير المؤسسات الصحفية التي تضم الصحف: هل تُغلق أو تُطوّر.

لكن ما لم يناقشه كثيرون هو مصير المراكز البحثية الموجودة، والسؤال هنا: عن جدوى بقائها وفرص دعمها وتمويلها قياسًا على أهميتها.

الرابط بين الصحف الورقية والمراكز الفكرية والبحثية هو النغمة المتصاعدة حول الحالة الصعبة التي تمر بها بعض المراكز التي لا تستطيع أداء وظائفها بسبب التكلفة العالية -خاصة مع جائحة كورونا وتداعياتها- رغم أهمية ما تُقدِّم من إسهام وإعانة على اتخاذ القرار. فهل ستصمد هذه المراكز أمام ضرورة توافرها على باحثين أكفاء متفرغين أو متعاونين بميزانية تشغيلية تتطلّبها الدراسات والأبحاث؟

إذا استغنت الدولة والمجتمع عن الصحافة التقليدية واستعاضت عنها بالإعلام الحديث بمختلف وسائله، فكيف تستعيض عن المراكز المتخصصة إذا أغلقت ولم تُدعم دعمًا يكفل استقلالها والعمل بأقصى طاقتها لتقديم ما يخدم الدولة والمجتمع من دراسات وأفكار بحثية وتنبؤ واستشراف للمستقبل؟

أقترح قبل أن يندب القائمون على هذه المراكز المهمة حظَّهم وينعون مؤسساتهم الفكرية، ويرْثون منتجاتهم رثاءً جادًا، أن تُقدّم الدولة دعمًا جزئيًا لها وإن كان على هيئة قرض مسترد لاستثمار تلك القروض في بناء أوقاف لها تضمن استمراريتها وتقييم منجزاتها التي بلاشك لها دور واضح في اتخاذ القرار.

الدعم المبكر يسهم في توظيف هذه المراكز التوظيف الأمثل للإسهام في رفع كفاءة مؤسسات الدولة بالمشاركة في الدراسات والاستشارات بدلًا من الاضطرار لمكاتب الاستشارات الأجنبية في بعض الدراسات المتخصصة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك مراكز بحثية قدمت منجزًا بحثيًا جيدًا، وكان لها دور كبير في التواصل مع العالم الخارجي والاشتراك مع باحثين مهمين من مختلف دول العالم، مثل مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومركز الملك عبدالله للبحوث والدراسات البترولية (كابسارك)، لكنها في الوقت نفسه كانت محظوظة بدعم جيد بموارد ضخمة كفلت لها الاستقرار والإنتاجية والأمان والاستقرار الوظيفي لباحثيها.

وهناك مراكز مهمة رغم نشأتها مؤخرًا؛ إلا أنها قدمت منتجات ليست باليسيرة، إضافة إلى جهد تواصلي وتشارك ثقافي وعلمي مع دول مهمة في آسيا، فأقامت مؤتمرات نوعية كان لها السبق في إقامتها دون الجامعات كمؤتمر الاستعراب الآسيوي ومنتدى أسبار الدولي.. وتوجد مراكز بحثية سعودية لها أكثر من 20 عامًا عملت خلالها على دراسات متخصصة استفادت منها الجهات الحكومية والقطاع الخاص، على عكس الكثير من الدراسات الجامعية المحفوظة في الأدراج.

ستقدّم هذه المراكز المتميزة -وهي قليلة- أكثر مما قدّمت لو وجدت دعمًا وقناعة حقيقية بما تقدم، والمحصلة النهائية لهذا الدعم -المشروط بالرقابة والتقييم المستمر- التنافس الكبير والإيجابي في هذا المجال المهم للخروج بأفضل النتائج على مستوى البلاد وخارجها.. خاصة إذا عرفنا أن هناك 64 مركزًا بحثيًا إيرانيًا و67 مركزًا إسرائيليًا مقابل خمسة مراكز سعودية فقط مصنفة ضمن المراكز الإقليمية في تصنيف معهد لاودر بجامعة بنسيلفانيا العام الماضي، والتقرير الأخير الذي صدر قبل أيام في 28 يناير 2021 لم يُحدِث فرقًا يُذكر!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store