Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

الأخت.. المجني عليها!! (2)

A A
بيّنتُ في الحلقة الماضية أنّ الإسلام لم يُبح قتل الأب لابنته أو الأخ لأخته أو الزوج لزوجته دفاعًا عن الشرف، ولا يوجد رجم في القرآن، وحديث ما تُسمى بآية الرجم حديث موضوع من الإسرائيليات، وأثبّتُ أنّ ما قِيل إنّها آية الرجم نسختها صغير الماعز تلاوة وبقي حكمها، قولٌ لا يقبله عقل ولا منطق، وهي ذاتها لا تتفق مع الأسلوب القرآني، كما بيّنتُ أنّ القرآن الكريم لا ينسخ نفسه، والمقصود بالنسخ في (ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) شريعة موسى عليه السلام وليس نسخ القرآن لنفسه.

فالمؤلف يهودي فظن أن هُناك في اللغة العربية كلمة شيخة على نسق شيخ، تُطلق على المُحصن والمُحصنة، وظن أنّ كلمتي «البتة» و»اللذة» تتماشيان مع النسيج والنسق القرآني، هذا بالإضافة للخطأ الفادح لما هو في بعض رواياتها التي تُشرك رسول الله مع الله في النكال وهو شركٌ بائن. حيث تم اقتطاع الجزء الأخير من قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم).. وجاء أحد نصوصها مُتطابقًا وهو الذي أوكل أمر إيراده لزر بن حُبيش، «إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهُما البتَّة نكالاً من الله واللهُ عزيزٌ حكيم»!.

وهذا الذي قالوا عنها بأنّها «آية الرجم» تم تأليفها على نمط الآية القرآنية، مع قلب الكلمتين،( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا... ) النور2

ولكن لأنّها ليست من كلام الله، فظهر القصور والنقص البشري بتقديم الشيخ على الشيخة مع أنّ موجدها لو انتبه لألّفها «الشيخة والشيخ».... لكنه ألّفها على نمط «السارق والسارقة....»

أقدم الأحاديث عن الرجم في موطأ الإمام مالك، فقد جاء في رواية محمد بن الحسن الشيباني تحت عنوان باب الرجم ورقم(693) وجاء فيه:»أخبرنا مالك، حدثنا يحيى بن سعيد أنّه سمع سعيد بن المسيب يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح.. فخطب الناس، فقال: يا أيها الناس: قد سننت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض.. لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فإنَّا قد قرأناها، قال سعيد: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر».

نحن نعرف أنّ سعيد بن المسيب ولد سنة (15) هـ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا يعني أنّه كان في الثامنة من عمره عند استشهاد عمر رضي الله عنه عام (23) هـ، فهل تُقبل رواية طفل في أقل من الثامنة؟!.

فهذه الرواية من الإسرائيليات، وأدلة ذلك:

1. تناقضها مع الآيات التالية: (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر:9] (بل هو قرآنٌ مجيد. في لوحٍ محفوظ)[البروج:21–22] (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) [فصلت: 42] أي لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده يبطله وينسخه.

2. تجاهل كتابة ما نزل من القرآن فور نزوله من قبل كتبة الوحي، فتوجد نسخ عديدة من القرآن الكريم.

3. تجاهل العرضات السنوية للقرآن التي كان يعرضها الرسول صلى الله عليه وسلّم على جبريل عليه السلام، وفي سنة وفاته عليه الصلاة والسلام كانت عرضتين.

4. اتهامه عليه الصلاة والسلام بعدم الأمانة في تبليغه ما يوحى إليه، والحفاظ عليه، عن السيدة عائشة رضي اللهُ عنها قالت: «من زعم أن رسول الله كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية».

5. تجاهل حفظ القرآن الكريم في الصدور، فأين حفظة القرآن الكريم من إثبات نزول هذه الآية؟.

أمّا الأدلة التي تثبت عدم وجود رجم في الإسلام بعد نزول سورة النور فآياتها 2، 3 ، 6-10 نسخت الرجم الذي كان في شريعة موسى عليه السلام، ويوضّحها الآتي:

أولًا : أنّ القرآن الكريم وصف الجلد بالعذاب (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [ النور:2] وقد عبّر القرآن الكريم عن حد الجلد في الزنا للمحصّنين بالعذاب في قوله تعالى (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ)[الأحزاب: 30] والرجم لا يُضاعف!

ثانيًا : إنّ كان يوجد في الإسلام رجم للمحصنة والمحصن الزانييْن، أو يبيح للزوج قتل زوجته إن ضبطها في حالة زنا لما وُجدت الملاعنة الواردة في الآيات من 6 -10 من سورة النور (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواَجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شهداء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فشهادة أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ...)

ثالثًا : قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ..) [النور: 3]، فهذا يعني أنّهما لم يُرجما، وإنّما جُلدا بدليل بقائهما على قيد الحياة.

للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store