Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

العنصرية سلاح (المهزومين)..!

صدى الميدان

A A
* يتعاطى العنصري العنصرية؛ ليواري سوأة نفسه المريضة، غافلاً عن تلك الحقيقة التي تؤكد على عجزه، وأنه ليس أكثر من شخص مهزوم داخلياً، وجد في العنصرية ملجأ يهرب إليه من عقدة نقص متجذرة في ذاته، تدفعه للهرب من واقعه المريض إلى حيث احتقار الآخرين، والنظر إليهم (بنص عين).

* يهرب من نفسه، من واقعه، إلى حيث (الفوقية)، والتعالي على الآخرين، زاده الكبر، ومطيته كل تعابير (شوفة النفس)، دافعه في ذلك نرجسيته البغيضة، التي تسول له شتم هذا، واحتقار هذا، وإلغاء هذا، وظلم هذا، غافلاً عن أنه بكل دوافع العنصرية لديه لم يكن له خيار في من هو، ومن يكون.

* ومع ذلك فإنه لا يتردد أبداً في أن يعيب على الآخرين بما ليس لهم خيار فيه، وإلا لاختار كل إنسان أن يكون الأفضل بين كل الناس، ولكنها سنن الخالق جل وعلا، ومع ذلك وجدت (العنصرية) الموغلة في الظلم، التي أحالت المجتمعات إلى طبقات، ومارست في حق الإنسانية كل معاني القهر، دون أي اعتبار إلى تلك الحقيقة التي تؤكد على أن الأصل من تراب، وإلى التراب سيعود الجميع.

* العنصرية لا تقتصر على احتقار الخلقة من شكل، ولون، ووضع مادي، واجتماعي، بل تتجاوز كل ذلك إلى حيث مصادرة حق الآخرين في الحياة، فالعنصري يرى أن الحياة خلقت له فقط، وأمام تلك القناعة المريضة يرتكب كل حماقات العنصرية، من قهر، وظلم، وأكل حقوق، حيث لا اعتبار لديه لأي قيمة إنسانية، فهو لا يتردد أبداً في أن يحظى الحيوان -أجلكم الله- لديه بمكانة، ولكنه لا يمكن أن يحظى لديه بمكانة أخيه الإنسان.

* ومما يؤسف له أشد الأسف أن تأتي العنصرية من مسلم تربى على: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم)، وعلى نظام تعليمي ينبذ العنصرية، ويعمق في النفس كل معاني الإنسانية عبر نماذج لا تحصى يقدمها عبر التاريخ كلها تدفع إلى تلك القيمة، والحياة السامية من: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).

* وهنا أعود إلى حيث التأكيد على أننا اليوم لا نعيش أزمة معرفة، ولكن المؤكد أننا نعيش أزمة تطبيق، وما العنصرية إلا مثال واضح على عزل المعرفة عن التطبيق، وعليه فلا غرابة أن نشاهد بدافع العنصرية كل تلك التصرفات السلبية، التي يرفضها الأسوياء فطرة ومنهجاً، الأقوياء إنسانية؛ لأن العنصرية من الآخر (سلاح المهزومين).. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store