Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

للوفاء عنوان

للوفاء عنوان

A A
مُجاهد شاب في مقتبل العُمر ولِد بين روابي المدينة وأكل مِن عجوتها وشرب مِن آبارها، لكنهُ فقد والدهُ وهو في ريعان طفولتهِ، والدهُ الذي عانى من المرض حتى توفاه الله، تاركًا لمجاهد إرث ذكريات الأسى والوحدة ومرارة الفُراق، رحل عنهُ في وقت كان هو في أمس الحاجة ليد تعبر بهِ الطُرقات، لصوت يدلهُ إلى درب الصواب، ولحكمة تجعل منهُ شابًا يحمل صفات الرجولة.. فأتى حمزة ليكون لهُ المُربي الحنون، وليكون لهُ الأب الذي أمسك بيدهِ ليجتاز مِحن الحياة وليواجه معهُ المشقات والمصاعب، وأكثر مِن ذلك كان يبديه على نفسه ويساويه في المحبة والاحترام مع بقية أبنائهِ من نفس الأم الرؤوم، ظلّ مجاهد يقطنُ بحجرتهِ في عزلة تامة ليحيا بين ظلام فراق الوالد وبين نور الأمل الذي استمدهُ مِن الأب الذي أتى من دون أي سابق إنذار، وظلّ يُعارك الحياة ولكن بقلبٍ مطمئن، فمن نصبهُ برغبتهِ وبقرارهِ تحت مُسمى والدي لم يخذلهُ يومًا، لا سيما أنهُ كان يعاملهُ بحنية القاسي وبقسوة الرحمة، وكل ذلك نابع من قلب محب يرجو مِن الله الثواب أولًا وأن يرى ثمرة حبهُ وإخلاصهِ ثانيًا.

فكبر مجاهد وأصبح رجلاً كثير الابتسامة، يخطو خطواتهِ واثق الخُطى، ويحمل صفات الشهامة في زمن قلت فيه المروءة، وأصبح مستقلًا بذاتهِ معتدًا بنفسهِ، ساحر الناس بأدبهِ، عونًا للمحتاج الغريب والقريب مِن ذويهِ، ولم يعد في حاجة ليد تعبر بهِ الأزمات، ولا لسند يشدُ بهِ أزره، وبالأمس فقط رُزق بمولود جلب معهُ السعادة وجلب معهُ هم تحمل المسؤولية، حينها وقف مجاهد يستعيد شريط ذكرياتهِ، فما كان منهُ سوى أن يسميه حمزة، عرفانًا وحبًا للشخص الذي أعطاهُ الكثير، سماهُ حمزة ليفخر بهِ بين العالم أجمعين.

شكرًا للأم الرؤوم، شكرًا لحمزة الوالد الحنون وشكرًا لمجاهد منصور شاذلي عنوان الوفاء الذي علمني درسًا، بأن الوفاء باقٍ مهما خابت الظنون.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store