Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

القلب والفؤاد واللب

A A
وصلني صباح يوم الخميس 13 رجب 1442هـ الموافق 25 فبراير 2021م مقطعًا جعل يراعي يخط هذه السطور عن العضو الذي يضخ الدم في جوف صدر الإنسان ألا وهو القلب.

القليل منا يعلم أن الإنسان يولد بخلايا عضلات القلب وتظل هذه الخلايا كما هي لا تتجدد بل تنمو.. فالإنسان يولد ويموت بنفس خلايا القلب التي ولد بها.. هناك خلايا أخرى لا تتجدد بل تنمو وهي خلايا الجهاز العصبي تظل كما كانت عند الولادة.. أما باقي خلايا الجسم بكامله تتجدد، وجدير بالذكر أن أقصرها عمرًا هي خلايا الكرويات البيضاء وأطولها عمرًا هي خلايا الهيكل العظمي.

القلب، والذي ورد في القرآن بمعان وألفاظ عدة؛ كالفؤاد واللب، فكان في جميع الآيات التي بينت طرق العلم وتحصيل المعرفة، بإثباتها أو نفيها، ذكر وسائل المعرفة وهي القلب أو الفؤاد ثم السمع والبصر؛ مثل في قوله تعالى: "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون، أفلم يسيروا في الأَرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"... الآية.

وفي الآية ما يفهم القليل منا فضلا عن العاقل أن القلب أداة وظيفتها التعقل، والأذن أداة وظيفتها السمع، والعين أداة وظيفتها الإبصار، وجمع بين القلب أو الفؤاد وحاستي السمع والبصر في حوالي 20 آية، كلها تنبئ أن القلب أداة داخلية في الجسم، دورها متكامل مع الحواس الخارجية، بخاصة السمع والبصر.. فالقلب في الكتاب تعني العقل ما عدا الآية التي حددت تشريحًا أن القلوب التي في الصدور.. قسم مصطلح القلب إلى أربعة أقسام، وهي: الصدر، والقلب، والفؤاد، واللب.. ويعد الصدر القسم الأول، وتدخله عبره الوساوس والآفات، والغل والشهوات، كما أنه نور الإسلام؛ ففيه يتم حفظ العلم المسموع المأخوذ من علم الأحكام، ويضيق الصدر أحيانًا وينشرح أحيانًا أخرى.. أما القلب ففيه نور الإيمان، ونور الخشوع والتقوى، والمحبة، والرضا، واليقين، والخوف، والرجاء، والصبر والقناعة.. القلب هو الأصل والصدر هو الفرع؛ فمنه تخرج النية إلى الصدر.. أما الفؤاد فهو موضع الرؤية، واللب هو موضع نوري التوحيد والتفريد، واللب أيضًا هو العقل الخالي من أي شوائب؛ فكل لب عقل والعكس غير صحيح.

ورد القلب في القرآن الكريم على أنه وسيلة للمعرفة؛ فقال سبحانه: "لهم قلوب لاَ يفقهون بِها ولهم أَعين لا يبصرون بِها"... الآية. أما الفؤاد فقد ورد على أنه وظيفة أو قوة إدراكية لتحصيل المعرفة؛ فقال سبحانه: "ولا تَقف ما ليس لَك بِه علم إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه مسؤولا".. الآية. وفي الوقت ذاته لم ترد أي آية تجمع الحواس مع القلب، إنما ورد الجمع معه في جانب الذم، سواء بالإنكار، أو التحقير، أو الختم، أو الغشاوة.. لم يرد الفؤاد في القرآن إلا كقوى حسية إدراكية، أما القلب فوصِف كقوى إدراكية وقوى إرادية أيضًا من مشاعر وشهوات وطباع.. فعلينا أن نعلم أن لفظ القلب أو القلوب والفؤاد واللب هم قصدهم عند الخالق ما جاء في السطور السالف ذكرها هنا.. والله أعلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store